أين تقع مسائل المنافسة غير المشروعة من النظام الدولي لحماية الملكية الفكرية ؟؟
ان اتفاقية باريس لحماية الملكية الصناعية تنص في في الفقرة الثانية من المادة الاولى على انه :-
( تشمل حماية الملكية الصناعية براءات الاختراع ونماذج المنفعة والرسوم والنماذج الصناعية والعلامات الصناعية أو التجارية وعلامات الخدمة والاسم التجاري وبيانات المصدر أو تسميات المنشأوكذلك قمع المنافسة غير المشروعةand the repression of unfair competition. ).
كما تنص المادة 10 (مكررة - ثانيا) تحت عنوان المنافسة غير المشروعة على أنه:-
(( 1 - تلتزم دول الاتحاد بأن تكفل لرعايا دول الاتحاد الأخرى حماية فعالة ضد المنافسة غير المشروعة.
2 - يعتبر من أعمال المنافسة غير المشروعة كل منافسة تتعارض مع العادات الشريفة في الشؤون الصناعية أوالتجارية.
3 - ويكون محظورا بصفة خاصة ما يلي :
أ- كافة الأعمال التي من طبيعتها أن توجد بأية وسيلة كانت لبسا مع منشأة أحد المنافسين أو منتجاته أو نشاطه الصناعي أو التجاري.
ب- الادعاءات المخالفة للحقيقة في مزاولة التجارة والتي من طبيعتها نزع الثقة عن منشأة أحد المنافسين أو منتجاته أو نشاطه الصناعي أو التجاري.
ج- البيانات أو الادعاءات التي يكون استعمالها في التجارة من شأنه تضليل الجمهور بالنسبة لطبيعة السلع أو طريقة تصنيعها أو خصائصها أو صلاحيتها للاستعمال أو كميتها. )))
ويعد نص المادة (10- مكررة /ثانيا) من اتفاقية باريس الأساس التشريعي لنظام المنافسة غير المشروعة القانوني والمصدر للنصوص الوطنية المقررة لدى النظم القانونية التي تضمنت تشريعاتها تنظيما للحماية من المنافسة غير المشروعة ، وتجدر الإشارة أيضا أن المادة 9 والمادة 10 (مكررة -اولا) من اتفاقية باريس نظمتا حظر استيراد وأوجبت مصادرة المنتجات التي تحمل علامات تجارية واسماء تجارية غير مشروعة أو تحمل بيانات المصدر او بيانات الانتاج على نحو غير صحيح ، كما ان المادة 10 (مكررة- ثالثا) من ذات الاتفاقية أوجبت على الدولة العضو في الاتفاقية ان تكفل للدول الاعضاء فيها وسائل الطعن القانونية التي من شانها حمايتهم من المنافسة غير المشروعة ومن الاعمال المحظورة بموجب المواد 9 و10 و10(ثانيا) من الاتفاقية .
1. تنظيم قواعد المنافسة غير المشروعة ضمن اتفاقيات التجارة الدولية
لا تعود جذور حماية حقوق الملكية الفكرية إلى منظمة التجارة العالمية التي تأسست عام 1995 بل وكما أسلفنا - إلى اتفاقية باريس عام 1883 الخاصة بحقوق الملكية الصناعية واتفاقية بيرن لعام 1886 التي تتناول حقوق المؤلف ، لكن إطار هاتين الاتفاقيتين والمنظمة التي ترعاهما وترعى بقية الاتفاقيات (منظمة الوايبو) لم يتح تفعيل حماية تلك الحقوق بالقدر الذي تريده الدول المتقدمة التي تسعى للسيطرة على مقدراتها الابداعية والفكرية ومنع كل ما يعيق فعالية تجارتها عالميا ، وطبيعي ان لا يحقق نظام الوايبو مثل هذا الهدف لأنه يركز بالأساس على الجوانب الفنية البحتة وعلى الحقوق القانونية ، ولا يشمل علاقة هذه الحقوق بالتجارة العالمية . وتحت ضغط الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ورغم معارضة غالبية البلدان النامية انتقلت أحكام الاتفاقيتين مع بعض التعديلات إلى جولة أوروغواي فظهر الاتفاق متعدد الأطراف حول حقوق الملكية الفكرية ذات العلاقة بالتجارة (اتفاقية تربس) .
وتقرر هذه الاتفاقية في المادتين الثالثة والرابعة المبادئ العامة المطبقة على تجارة السلع والخدمات، الاول : مبدأ الدولة الأولى بالرعاية ، والثاني : مبدأ المعاملة الوطنية . وتضع الحدود الدنيا للحماية التي يتعين على الدول الأعضاء في منظمة التجارة العالمية إدراجها في قوانينهم الداخلية ، ومن بين هذه الحدود مدة الحماية ، اذ ينبغي - على سبيل المثال - ألا تقل مدة حماية براءات الاختراع عن 20 سنة وحقوق الطبع عن 50 سنة ، وعلى القوانين الداخلية وضع الأحكام الكفيلة باحترام تلك الحقوق. ويجب أن تتضمن عقوبات مالية أو بدنية فاعلة ضد من يخالفها ، شريطة أن توقع من قبل سلطات قضائية . وحسب الاتفاقية يتعين اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لحماية الملكية الفكرية خلال سنة واحدة في الدول الصناعية وخمس سنوات في البلدان النامية و11 سنة في الدول الأقل نموا اعتبارا من بداية عام 1995.
ولا بد من الاشارة هنا وبكل حيادية وموضوعية ، ان إصرار الدول الصناعية أثناء جولة ألاورغواي على إدراج هذه الحقوق ضمن الاتفاقيات متعددة الأطراف كان نتيجة لضغوط مارستها شركات الأدوية والملابس الجاهزة التابعة لهذه الدول منطلقة من مبدا معلن قد لا يختلف عليه احد وهو عدالة حماية هذه الحقوق ووجوب احترامها ، لكن ذلك الاحترام يعرض صناعة وتجارة الدول النامية للتردي والخطر ، ونذكر على سبيل المثال صناعة الأدوية في العالم العربي التي هي في حقيقتها تعتمد على تكنولوجيا ومنتجات الدول الاجنبية ، ففي ظل التنظيم الجديد للمبادلات العالمية ستكون الدول العربية الأعضاء في منظمة التجارة العالمية أمام احد خيارين ، إما أن تدفع تعويضات مستمرة للشركات صاحبة براءة الاختراع أو تتوقف عن الإنتاج ، ويقود الحل الأول إلى ارتفاع أسعار الأدوية عند الاستهلاك ، ويفضي الحل الثاني إلى تبعية العالم العربي شبه الكلية للسوق الخارجية.
ولهذا ، وبحق ، فان اتفاقية تربس من حيث اثرها تعد الاتفاقية الأكثر خطورة من بين اتفاقيات التجارة الدولية من زاوية تاثيرها على اقتصاديات الدول النامية ومنها الدول العربية ، ومن وجهة نظرنا ، والتي قد يختلف الاخرون معنا بشانها او يتفقون ، فاننا نرى انه يمكن وضع الاتفاق متعدد الأطراف حول حقوق الملكية الفكرية في مقدمة الاتفاقات التي ستكون سلبياتها على الاقتصاديات العربية أكبر بكثير من إيجابياتها.
ان اتفاقية تربس تعد اطارا شاملا لموضوعات الملكية الفكرية فهي تنظم حقوق المؤلف (وفي نطاقها نظمت حماية برامج الحاسوب وقواعد البيانات (م 10) وبذلك اضيفت هذه المصنفات الى مصنفات الملكية الادبية وتكون اتفاقية تربس قد استخدمت طريقة الاحالة المقررة في اتفاقية جنيف للمعاهدات بحيث اجرت تعديلا فعليا على المصنفات محل الحماية المقررة في اتفاقية بيرن) ونظمت الحقوق المجاورة لحق المؤلف والعلامات التجارية والمؤشرات الجغرافية والتصميمات الصناعية وبراءات الاختراع والدوائر المتكاملة والاسرار التجارية والممارسات غير التنافسية في الرخص .
والى جانب هذا التنظيم تضمنت الاتفاقية قواعد عامة بشان الملكية الفكرية وتعامل الدول معها ومعاملتها فيما بينها كما تضمنت التزامات الدول تجاه الملكية الفكرية والتدابير الوقائية والتشريعية وآليات فض منازعات الملكية الفكرية . وقد احالت اتفاقية تربس الى عدد من اتفاقيات الملكية الفكرية مقررة سريان احكام مخصوصة منها على العناصر محل التنظيم التي تناولتها الاتفاقية ، واذا كان ثمة جديد في حقل الملكية الفكرية عالميا فيتمثل باتفاقية تربس ، لا لانها اطار شامل لموضوعات الملكية الفكرية كما قدمنا ، وليس لانها ايضا اضافت قواعد جديدة في حقل الملكية الفكرية (كالقواعد الخاصة بحماية برامج الحاسوب مثلا) ، بل لانها ولاول مرة اوجدت مركزا آخر لادارة نظام الملكية الفكرية عالميا ، الا وهو منظمة التجارة العالمية ، التي خصصت اتفاقية انشائها من بين هيئاتها مجلسا خاصا باتفاقية تربس ، وايجاد مركز جديد كان يوجب تنبه المجتمع الدولي لاحتمالات التناقض بين مركزي ادارة الملكية الفكرية ، الوايبو ومنظمة التجارة ، لهذا ابرم بروتوكول او اتفاق تعاون بين المنظمتين عام 1996 لتنظيم العلاقة بينهما وتعاونهما بشان ادارة نظام الملكية الفكرية دوليا .
وفي تنظيم اتفاقية تربس لمسائل المنافسة غير المشروعة المرتبطة بالملكية الفكرية اعتمدت بشكل اساسي على ما هو مقرر في المادة 10 (مكررا - ثانيا) من اتفاقية باريس لحماية الملكية الصناعية السابق عرضها ، وباستقراء نصوص اتفاقية تربس يظهر ان النصوص المنظمة للمنافسة غير المشروعة تتمثل بما يلي :-
- تنص الفقرة 2 من المادة الاولى من اتفاقية تربس على انه (( في هذه الاتفاقية يشير اصطلاح الملكية الفكرية الى جميع فئات الملكية الفكرية المنصوص عليها في الاقسام 1-7 من الجزء الثاني)) وبالرجوع الى الاقسام المذكورة نجدها تنظم حقوق المؤلف والحقوق المجاورة لحقوق المؤلف (القسم 1) والعلامات التجارية (القسم 2) والمؤشرات الجغرافية (القسم 3) والتصميمات الصناعية (القسم 4) وبراءات الاختراع (القسم 5) وتصميمات الدوائر المتكاملة (القسم 6) وحماية المعلومات السرية (القسم 7) ، وجرى في هذه الاقسام الاحالة للمادة 10 (مكررة) المنظمة لاحكام المنافسة غير المشروعة في اتفاقية باريس ، واهم احالة تلك الواردة في قسمي المؤشرات الجغرافية وقسم حماية المعلومات السرية – كما سنرى - وبهذا المفهوم فان المعلومات المتصلة بالمنتجات والخدمات والاسرار التجارية وما يتصل بالتعامل معها وما ترتبه من حقوق هي مسائل تدخل في مفهوم الملكية الفكرية وفق هذه الاتفاقية .
- تنص الفقرة (1) من المادة الثانية من اتفاقية تربس على انه :- (( فيما يتعلق بالاجزاء الثاني والثالث والرابع من الاتفاق الحالي تلتزم الدول الاعضاء بمراعاة احكام المواد 1-12 و19 من معاهدة باريس ( 1967 ) )) ، وبالتالي فان اتفاقية تربس احالت من ضمن ما احالت الى احكام المواد المنظمة للمنافسة غير المشروعة في اتفاقية باريس لحماية الملكية الصناعية ومنها المادة 10 (مكررة-ثانيا) السابق بيانها ، واما المقصود بمعاهدة باريس 1967 ، وثيقة معاهدة باريس لحماية الملكية الصناعية بصيغتها المقررة عام 1967 بموجب وثيقة استوكهولم الصادرة بتاريخ 14 تموز 1967 .
- وتنص الفقرة 2 من المادة الثامنة المتضمنة للمباديء العامة على انه :- (( قد تكون هناك حاجة لاتخاذ تدابير يشترط اتساقها مع احكام الاتفاق الحالي لمنع حائزي حقوق الملكية الفكرية من اساءة استخدامها او منع اللجوء الى ممارسات تسفر عن تقييد غير معقول للتجارة او تؤثر سلبا على النقل الدولي للتكنولوجيا )) وبهذا المبدأ تكرس الاتفاقية وجوب عدم اساءة استخدام حقوق الملكية الفكرية الاستئثارية على نحو يعرقل جهود نقل وتبادل التكنولوجيا.
- وتنص الفقرة 1 من المادة 16 (وتتعلق بالعلامات التجارية) على انه :- (( يتمتع صاحب العلامة التجارية المسجلة بالحق المطلق في منع جميع الاطراف الثالثة التي لم تحصل على موافقة صاحب العلامة من استخدام العلامة ذاتها او علامة مماثلة في اعمالها التجارية بالنسبة للسلع والخدمات ذاتها او المماثلة لتلك التي سجلت بشانها العلامة التجارية حين يمكن ان يسفر ذلك الاستخدام عن احتمال حدوث لبس . ويفترض احتمال حدوث لبس في حالة استخدام علامة تجارية مطابقة بالنسبة لسلع او خدمات مطابقة . ويحظر ان تضر الحقوق الموصوفة اعلاه باية حقوق سابقة قائمة حاليا ، او ان تؤثر في امكانية منح البلدان الاعضاء حقوقا في العلامات التجارية على اساس الاستخدام )). وهذه المادة تنظم واحدا من اهم صور وحالات المنافسة غير المشروعة والمتصلة باساءة استخدام العلامات التجارية ، وهي بحق الصورة الاكثر شيوعا في منازعات المنافسة غير المشروعة من ناحية التطبيق العملي.
- وتنص الفقرة الثانية من المادة 22 (وتتعلق بالمؤشرات الجغرافية) على انه :- (( فيما يتعلق بالمؤشرات الجغرافية ، تلتزم البلدان الاعضاء بتوفير الوسائل القانونية للاطراف المعنية لمنع:- (أ) استخدام اية وسيلة في تسمية او عرض سلعة ما توحي بان السلعة المعنية نشأت في منطقة جغرافية غير المنشأ الحقيقي باسلوب يضلل الجمهور بشان المنشأ الجغرافي للسلعة. (ب) اي استخدام يشكل عملا من اعمال المنافسة غير المنصفة حسبما يتحدد معناها في المادة 10 مكررة من معاهدة باريس 1967. )) وهذه المادة تقر بشكل واضح ان مفهوم المنافسة غير المشروعة المعتمد في تطبيقات واحكام الحماية هو المفهوم المقرر في اتفاقية باريس ، كما ان هذه المادة تورد احدى الصور الشائعة من صور المنافسة غير المشروعة المتعلقة ببيانات المصدر او المنشأ .
- وتنص المادة 39 من اتفاقية تربس (وهي المتعلقة بحماية المعلومات السرية) على انه :- (( (1) اثناء ضمان الحماية الفعالة للمنافسة غير المنصفة حسب ما تنص عليه المادة 10 مكررة من معاهدة باريس 1967 ، تلتزم البلدان الاعضاء بحماية المعلومات السرية وفق الفقرة 2 والبيانات المقدمة للحكومات او الهيئات الحكومية وفقا لاحكام الفقرة 3 . (2) للاشخاص الطبيعيين والاعتباريين حق منع الافصاح عن المعلومات التي تحت رقابتهم بصورة قانونية لآخرين او حصولهم عليها او استخدامهم لها دون الحصول على موافقة منهم باسلوب يخالف الممارسات التجارية النزيهة طالما كانت تلك المعلومات :- أ- سرية من حيث انها ليست بمجموعها او في الشكل والتجميع الدقيقين لمكوناتها معروفة عادة او سهلة الحصول عليها من قبل اشخاص في اوساط المتعاملين عادة في النوع المعني من المعلومات . ب- ذات قيمة تجارية نظرا لكونها سرية . ج- اخضعت لاجراءات معقولة في اطار الاوضاع الراهنة من قبل الشخص الذي يقوم بالرقابة عليها من الناحية القانونية بغية الحفاظ على سريتها . (3) تلتزم البلدان الاعضاء حين تشترط للموافقة على تسويق الادوية او المنتجات الكيماوية الزراعية التي تستخدم مواد كيماوية جديدة تقديم بيانات عن اختبارات سرية او بيانات اخرى ينطوي انتاجها اصلا على بذل جهود كبيرة بحماية هذه البيانات من الاستخدام التجاري غير المنصف . كما تلتزم البلدان الاعضاء بحماية هذه البيانات من الافصاح عنها الا عند الضرورة من اجل حماية الجمهور او ما لم تتخذ اجراءات لضمان عدم الاستخدام التجاري غير المنصف .)) وقد ورد ضمن المحاضر الارشادية والتوضيحية لنصوص الاتفاقية ان المقصود بالاسلوب المخالف للممارسات التجارية النزيهة "على الاقل ممارسات كالاخلال بالعقود والاخلال بسرية المعلومات المؤتمنة والحض على ذلك ، وتشمل الحصول على معلومات سرية من جانب اطراف ثالثة كانت تعرف او اهملت اهمالا جسيما في عدم معرفة ان حصولها على هذه المعلومات انطوى على استخدام هذه الممارسات " وتنظم هذه المادة بشكل رئيس الاسرار التجارية والمعلومات السرية المتعلقة ببعض تطبيقات الملكية الفكرية واتصال ذلك بالمنافسة التجارية غير المشروعة ، ولعل هذا احد مبررات تنظيم المشرع الاردني لموضوعي الاسرار التجارية والمنافسة غير المشروعة ضمن تشريع واحد ، طبعا الى جانب الشروط التنافسية في التراخيص وعقود نقل التكنولوجيا.
- وتنص المادة 40 من اتفاقية تربس تحت عنوان ( الرقابة على الممارسات غير التنافسية في التراخيص التعاقدية ) على انه :- (( (1) توافق البلدان الاعضاء على انه قد يكون لبعض ممارسات او شروط منح التراخيص للغير فيما يتعلق بحقوق الملكية الفكرية المقيدة للمنافسة آثار سلبية على التجارة ، وقد تعرقل نقل التكنولوجيا ونشرها . (2) لا يمنع اي من احكام هذا الاتفاق البلدان الاعضاء من ان تحدد في تشريعاتها ممارسات او شروط الترخيص للغير التي يمكن ان تشكل في حالات معينة اساءة لاستخدام حقوق الملكية الفكرية او التي لها اثر سلبي على المنافسة في السوق ذات الصلة . وحسبما تنص عليه الاحكام الواردة اعلاه ، يجوز لاي من البلدان الاعضاء اتخاذ تدابير ملائمة تتسق مع الاحكام الاخرى المنصوص عليها في هذا الاتفاق لمنع هذه الممارسات او مراقبتها ، ويجوز ان تشمل هذه التدابير مثلا منع اشتراط عودة الحق في براءات اختراع ناجمة عن التراخيص الى المرخص وليس المرخص له ، ومنع الطعن في قانونية الترخيص او منع اشتراط الترخيص القسري بمجموعة من الحقوق بدلا من حق واحد ، في اطار القوانين واللوائح التنظيمية المتصلة بذلك في اي من الدول الاعضاء .)) وهذه المادة تنظم موضوع الشروط العقدية التنافسية في اتفاقيات التراخيص ونقل التكنولوجيا والتي ستكون محل بحث في الفصل الثالث فيما يأتي .
- وينظم الجزء الثالث من اتفاقية تربس انفاذ حقوق الملكية الفكرية من حيث اقرار القواعد اللازمة لضمان هذه الحقوق ومسؤوليات الدول الاعضاء في توفير واتخاذ تدابير ادارية وقضائية تكفل الحماية الادارية والجزائية والمدنية لحقوق الملكية الفكرية وتكفل وتنظم الاجراءات الوقتية والمستعجلة التحفظية وطبيعة العقوبات والجزاءات وقواعد التعويض التي تتصل بالمسؤوليات الناجمة عن الاعتداء على اي من حقوق الملكية الفكرية المنصوص عليها في الاتفاقية .
من هذه النصوص وما يتصل بها من نصوص جرت الاحالة عليها في اتفاقية باريس ، يظهر ان احكام المنافسة غير المشروعة تجد موقعها في اتفاقيات التجارة الدولية من خلال الاحكام المتصلة بها في اتفاقية تربس ، وهذا بالطبع لا يعني ان احكام المنافسة التجارية والممارسات التجارية لا تجد موقعها الا في هذه الاتفاقية من بين الاتفاقيات التي تمثل بمجموعها حزمة اتفاقيات التجارة الدولية ، فثمة عديد من النصوص ذات صلة بمسائل المنافسة ومنع الاحتكار وردت في اتفاقيات السلع والخدمات والتفاهمات الملحقة بها ، لكن موضوع المنافسة غير المشروعة المتصل بحقوق الملكية الفكرية وبالصور المقررة في اتفاقية باريس يجد تنظيمه في اتفاقية تربس تحديدا من بين اتفاقيات التجارة الدولية ، ولعل هذه الاتفاقية وبهذا التنظيم قد حققت الربط الشمولي بين جوانب الملكية الفكرية المتصلة بالتجارة والاستثمار وبين مفاهيم حماية الملكية الفكرية المجردة عن النشاط التجاري ، لتكون مسائل المنافسة غير المشروعة اهم تطبيق من بين تطبيقات ومسائل الترابط بين الملكية الفكرية والتجارة الدولية .
الهوامش :-
1. تنص المادة 9 من اتفاقية باريس على انه :- (( (1) كل منتج يحمل بطريق غير مشروع علامة صناعية أو تجارية أو اسما تجاريا يصادر عند الاستيراد في دول الاتحاد التي يكون فيها لهذه العلامة أو لهذا الاسم حق الحماية القانونية. ( 2 ) توقع المصادرة أيضا في الدولة التي وضعت فيها العلامة بطريق غير مشروع أو في الدول التي تم استيراد المنتج إليها. ( 3 ) تقع المصادرة بناء على طلب النيابة العامة أو أية سلطة مختصة أخرى أو من صاحب مصلحة سواء أكان شخصا طبيعيا أو معنويا وذلك وفقا للتشريع الداخلي لكل دولة. (4) لا تلتزم السلطات بتوقيع المصادرة على المنتجات التي تمر بالدولة في تجارة عابرة.( 5 ) إذا كان تشريع الدولة لا يجيز المصادرة عند الاستيراد فيستعاض عن ذلك بحظر الاستيراد أو بالمصادرة داخل الدولة. ( 6 ) إذا كان تشريع الدولة لا يجيز المصادرة عند الاستيراد ولا حظر الاستيراد ولا المصادرة داخل الدولة فيستعاض عن هذه الإجراءات بالدعاوى والوسائل التي يكفلها قانون تلك الدولة لرعاياها في الحالات المماثلة، وذلك حتى يتم التعديل اللازم في التشريع.))
2. كما تنص المادة 10 ( اولا ) من ذات الاتفاقية على انه :- (( (1) تسري أحكام المادة السابقة في حالات الاستعمال المباشر أو غير المباشر لبيان مخالف للحقيقة عن مصدر المنتجات أو عن شخصية المنتج أو الصانع أو التاجر. ( 2 ) وعلى أية حال يعتبر صاحب مصلحة، سواء كان شخصا طبيعيا أو معنويا، كل منتج أو صانع أو تاجر يزاول إنتاج أو تصنيع تلك المنتجات أو الاتجار فيها ويكون مقره في الجهة التي ذكرت على غير الحقيقة على أنها المصدر أو الإقليم الذي تقع فيه هذه الجهة أو في الدولة التي ذكرت على غير الحقيقة أو في الدولة التي استعمل فيها بيان المصدر المخالف للحقيقة. ))
3. وتنص المادة 10(ثالثا) من اتفاقية باريس ايضا على انه :- (( ( 1 ) تتعهد دول الاتحاد بأن تكفل لرعايا دول الاتحاد الأخرى وسائل الطعن القانونية الملائمة لقمع جميع الأعمال المشار إليها في المواد 9 و 10 و 10 ( ثانيا ) بطريقة فعالة. ( 2 ) وعلاوة على ذلك تتعهد دول الاتحاد بتوفير الإجراءات التي تسمح للنقابات والاتحادات التي تمثل ذوي الشأن من رجال الصناعة أو الإنتاج أو التجارة والتي لا يتعارض وجودها مع قوانين الدول التي تتبعها، بالالتجاء إلى القضاء أو السلطات الإدارية لقمع الأعمال المنصوص عليها في المواد 9 و10 و10 (ثانيا) في الحدود التي يجيزها قانون الدولة التي تطلب فيها الحماية للنقابات والاتحادات التابعة لتلك الدولة.))
4. حول هذه الموضوعات ولمزيد من البحث والاطلاع انظر الورقة القيمة التي اعدها الدكتور محمد حسام لطفي تحت عنوان - تأثير اتفاقية تربس على التشريعات
الزميل المحامي / يونس عرب
ان اتفاقية باريس لحماية الملكية الصناعية تنص في في الفقرة الثانية من المادة الاولى على انه :-
( تشمل حماية الملكية الصناعية براءات الاختراع ونماذج المنفعة والرسوم والنماذج الصناعية والعلامات الصناعية أو التجارية وعلامات الخدمة والاسم التجاري وبيانات المصدر أو تسميات المنشأوكذلك قمع المنافسة غير المشروعةand the repression of unfair competition. ).
كما تنص المادة 10 (مكررة - ثانيا) تحت عنوان المنافسة غير المشروعة على أنه:-
(( 1 - تلتزم دول الاتحاد بأن تكفل لرعايا دول الاتحاد الأخرى حماية فعالة ضد المنافسة غير المشروعة.
2 - يعتبر من أعمال المنافسة غير المشروعة كل منافسة تتعارض مع العادات الشريفة في الشؤون الصناعية أوالتجارية.
3 - ويكون محظورا بصفة خاصة ما يلي :
أ- كافة الأعمال التي من طبيعتها أن توجد بأية وسيلة كانت لبسا مع منشأة أحد المنافسين أو منتجاته أو نشاطه الصناعي أو التجاري.
ب- الادعاءات المخالفة للحقيقة في مزاولة التجارة والتي من طبيعتها نزع الثقة عن منشأة أحد المنافسين أو منتجاته أو نشاطه الصناعي أو التجاري.
ج- البيانات أو الادعاءات التي يكون استعمالها في التجارة من شأنه تضليل الجمهور بالنسبة لطبيعة السلع أو طريقة تصنيعها أو خصائصها أو صلاحيتها للاستعمال أو كميتها. )))
ويعد نص المادة (10- مكررة /ثانيا) من اتفاقية باريس الأساس التشريعي لنظام المنافسة غير المشروعة القانوني والمصدر للنصوص الوطنية المقررة لدى النظم القانونية التي تضمنت تشريعاتها تنظيما للحماية من المنافسة غير المشروعة ، وتجدر الإشارة أيضا أن المادة 9 والمادة 10 (مكررة -اولا) من اتفاقية باريس نظمتا حظر استيراد وأوجبت مصادرة المنتجات التي تحمل علامات تجارية واسماء تجارية غير مشروعة أو تحمل بيانات المصدر او بيانات الانتاج على نحو غير صحيح ، كما ان المادة 10 (مكررة- ثالثا) من ذات الاتفاقية أوجبت على الدولة العضو في الاتفاقية ان تكفل للدول الاعضاء فيها وسائل الطعن القانونية التي من شانها حمايتهم من المنافسة غير المشروعة ومن الاعمال المحظورة بموجب المواد 9 و10 و10(ثانيا) من الاتفاقية .
1. تنظيم قواعد المنافسة غير المشروعة ضمن اتفاقيات التجارة الدولية
لا تعود جذور حماية حقوق الملكية الفكرية إلى منظمة التجارة العالمية التي تأسست عام 1995 بل وكما أسلفنا - إلى اتفاقية باريس عام 1883 الخاصة بحقوق الملكية الصناعية واتفاقية بيرن لعام 1886 التي تتناول حقوق المؤلف ، لكن إطار هاتين الاتفاقيتين والمنظمة التي ترعاهما وترعى بقية الاتفاقيات (منظمة الوايبو) لم يتح تفعيل حماية تلك الحقوق بالقدر الذي تريده الدول المتقدمة التي تسعى للسيطرة على مقدراتها الابداعية والفكرية ومنع كل ما يعيق فعالية تجارتها عالميا ، وطبيعي ان لا يحقق نظام الوايبو مثل هذا الهدف لأنه يركز بالأساس على الجوانب الفنية البحتة وعلى الحقوق القانونية ، ولا يشمل علاقة هذه الحقوق بالتجارة العالمية . وتحت ضغط الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ورغم معارضة غالبية البلدان النامية انتقلت أحكام الاتفاقيتين مع بعض التعديلات إلى جولة أوروغواي فظهر الاتفاق متعدد الأطراف حول حقوق الملكية الفكرية ذات العلاقة بالتجارة (اتفاقية تربس) .
وتقرر هذه الاتفاقية في المادتين الثالثة والرابعة المبادئ العامة المطبقة على تجارة السلع والخدمات، الاول : مبدأ الدولة الأولى بالرعاية ، والثاني : مبدأ المعاملة الوطنية . وتضع الحدود الدنيا للحماية التي يتعين على الدول الأعضاء في منظمة التجارة العالمية إدراجها في قوانينهم الداخلية ، ومن بين هذه الحدود مدة الحماية ، اذ ينبغي - على سبيل المثال - ألا تقل مدة حماية براءات الاختراع عن 20 سنة وحقوق الطبع عن 50 سنة ، وعلى القوانين الداخلية وضع الأحكام الكفيلة باحترام تلك الحقوق. ويجب أن تتضمن عقوبات مالية أو بدنية فاعلة ضد من يخالفها ، شريطة أن توقع من قبل سلطات قضائية . وحسب الاتفاقية يتعين اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لحماية الملكية الفكرية خلال سنة واحدة في الدول الصناعية وخمس سنوات في البلدان النامية و11 سنة في الدول الأقل نموا اعتبارا من بداية عام 1995.
ولا بد من الاشارة هنا وبكل حيادية وموضوعية ، ان إصرار الدول الصناعية أثناء جولة ألاورغواي على إدراج هذه الحقوق ضمن الاتفاقيات متعددة الأطراف كان نتيجة لضغوط مارستها شركات الأدوية والملابس الجاهزة التابعة لهذه الدول منطلقة من مبدا معلن قد لا يختلف عليه احد وهو عدالة حماية هذه الحقوق ووجوب احترامها ، لكن ذلك الاحترام يعرض صناعة وتجارة الدول النامية للتردي والخطر ، ونذكر على سبيل المثال صناعة الأدوية في العالم العربي التي هي في حقيقتها تعتمد على تكنولوجيا ومنتجات الدول الاجنبية ، ففي ظل التنظيم الجديد للمبادلات العالمية ستكون الدول العربية الأعضاء في منظمة التجارة العالمية أمام احد خيارين ، إما أن تدفع تعويضات مستمرة للشركات صاحبة براءة الاختراع أو تتوقف عن الإنتاج ، ويقود الحل الأول إلى ارتفاع أسعار الأدوية عند الاستهلاك ، ويفضي الحل الثاني إلى تبعية العالم العربي شبه الكلية للسوق الخارجية.
ولهذا ، وبحق ، فان اتفاقية تربس من حيث اثرها تعد الاتفاقية الأكثر خطورة من بين اتفاقيات التجارة الدولية من زاوية تاثيرها على اقتصاديات الدول النامية ومنها الدول العربية ، ومن وجهة نظرنا ، والتي قد يختلف الاخرون معنا بشانها او يتفقون ، فاننا نرى انه يمكن وضع الاتفاق متعدد الأطراف حول حقوق الملكية الفكرية في مقدمة الاتفاقات التي ستكون سلبياتها على الاقتصاديات العربية أكبر بكثير من إيجابياتها.
ان اتفاقية تربس تعد اطارا شاملا لموضوعات الملكية الفكرية فهي تنظم حقوق المؤلف (وفي نطاقها نظمت حماية برامج الحاسوب وقواعد البيانات (م 10) وبذلك اضيفت هذه المصنفات الى مصنفات الملكية الادبية وتكون اتفاقية تربس قد استخدمت طريقة الاحالة المقررة في اتفاقية جنيف للمعاهدات بحيث اجرت تعديلا فعليا على المصنفات محل الحماية المقررة في اتفاقية بيرن) ونظمت الحقوق المجاورة لحق المؤلف والعلامات التجارية والمؤشرات الجغرافية والتصميمات الصناعية وبراءات الاختراع والدوائر المتكاملة والاسرار التجارية والممارسات غير التنافسية في الرخص .
والى جانب هذا التنظيم تضمنت الاتفاقية قواعد عامة بشان الملكية الفكرية وتعامل الدول معها ومعاملتها فيما بينها كما تضمنت التزامات الدول تجاه الملكية الفكرية والتدابير الوقائية والتشريعية وآليات فض منازعات الملكية الفكرية . وقد احالت اتفاقية تربس الى عدد من اتفاقيات الملكية الفكرية مقررة سريان احكام مخصوصة منها على العناصر محل التنظيم التي تناولتها الاتفاقية ، واذا كان ثمة جديد في حقل الملكية الفكرية عالميا فيتمثل باتفاقية تربس ، لا لانها اطار شامل لموضوعات الملكية الفكرية كما قدمنا ، وليس لانها ايضا اضافت قواعد جديدة في حقل الملكية الفكرية (كالقواعد الخاصة بحماية برامج الحاسوب مثلا) ، بل لانها ولاول مرة اوجدت مركزا آخر لادارة نظام الملكية الفكرية عالميا ، الا وهو منظمة التجارة العالمية ، التي خصصت اتفاقية انشائها من بين هيئاتها مجلسا خاصا باتفاقية تربس ، وايجاد مركز جديد كان يوجب تنبه المجتمع الدولي لاحتمالات التناقض بين مركزي ادارة الملكية الفكرية ، الوايبو ومنظمة التجارة ، لهذا ابرم بروتوكول او اتفاق تعاون بين المنظمتين عام 1996 لتنظيم العلاقة بينهما وتعاونهما بشان ادارة نظام الملكية الفكرية دوليا .
وفي تنظيم اتفاقية تربس لمسائل المنافسة غير المشروعة المرتبطة بالملكية الفكرية اعتمدت بشكل اساسي على ما هو مقرر في المادة 10 (مكررا - ثانيا) من اتفاقية باريس لحماية الملكية الصناعية السابق عرضها ، وباستقراء نصوص اتفاقية تربس يظهر ان النصوص المنظمة للمنافسة غير المشروعة تتمثل بما يلي :-
- تنص الفقرة 2 من المادة الاولى من اتفاقية تربس على انه (( في هذه الاتفاقية يشير اصطلاح الملكية الفكرية الى جميع فئات الملكية الفكرية المنصوص عليها في الاقسام 1-7 من الجزء الثاني)) وبالرجوع الى الاقسام المذكورة نجدها تنظم حقوق المؤلف والحقوق المجاورة لحقوق المؤلف (القسم 1) والعلامات التجارية (القسم 2) والمؤشرات الجغرافية (القسم 3) والتصميمات الصناعية (القسم 4) وبراءات الاختراع (القسم 5) وتصميمات الدوائر المتكاملة (القسم 6) وحماية المعلومات السرية (القسم 7) ، وجرى في هذه الاقسام الاحالة للمادة 10 (مكررة) المنظمة لاحكام المنافسة غير المشروعة في اتفاقية باريس ، واهم احالة تلك الواردة في قسمي المؤشرات الجغرافية وقسم حماية المعلومات السرية – كما سنرى - وبهذا المفهوم فان المعلومات المتصلة بالمنتجات والخدمات والاسرار التجارية وما يتصل بالتعامل معها وما ترتبه من حقوق هي مسائل تدخل في مفهوم الملكية الفكرية وفق هذه الاتفاقية .
- تنص الفقرة (1) من المادة الثانية من اتفاقية تربس على انه :- (( فيما يتعلق بالاجزاء الثاني والثالث والرابع من الاتفاق الحالي تلتزم الدول الاعضاء بمراعاة احكام المواد 1-12 و19 من معاهدة باريس ( 1967 ) )) ، وبالتالي فان اتفاقية تربس احالت من ضمن ما احالت الى احكام المواد المنظمة للمنافسة غير المشروعة في اتفاقية باريس لحماية الملكية الصناعية ومنها المادة 10 (مكررة-ثانيا) السابق بيانها ، واما المقصود بمعاهدة باريس 1967 ، وثيقة معاهدة باريس لحماية الملكية الصناعية بصيغتها المقررة عام 1967 بموجب وثيقة استوكهولم الصادرة بتاريخ 14 تموز 1967 .
- وتنص الفقرة 2 من المادة الثامنة المتضمنة للمباديء العامة على انه :- (( قد تكون هناك حاجة لاتخاذ تدابير يشترط اتساقها مع احكام الاتفاق الحالي لمنع حائزي حقوق الملكية الفكرية من اساءة استخدامها او منع اللجوء الى ممارسات تسفر عن تقييد غير معقول للتجارة او تؤثر سلبا على النقل الدولي للتكنولوجيا )) وبهذا المبدأ تكرس الاتفاقية وجوب عدم اساءة استخدام حقوق الملكية الفكرية الاستئثارية على نحو يعرقل جهود نقل وتبادل التكنولوجيا.
- وتنص الفقرة 1 من المادة 16 (وتتعلق بالعلامات التجارية) على انه :- (( يتمتع صاحب العلامة التجارية المسجلة بالحق المطلق في منع جميع الاطراف الثالثة التي لم تحصل على موافقة صاحب العلامة من استخدام العلامة ذاتها او علامة مماثلة في اعمالها التجارية بالنسبة للسلع والخدمات ذاتها او المماثلة لتلك التي سجلت بشانها العلامة التجارية حين يمكن ان يسفر ذلك الاستخدام عن احتمال حدوث لبس . ويفترض احتمال حدوث لبس في حالة استخدام علامة تجارية مطابقة بالنسبة لسلع او خدمات مطابقة . ويحظر ان تضر الحقوق الموصوفة اعلاه باية حقوق سابقة قائمة حاليا ، او ان تؤثر في امكانية منح البلدان الاعضاء حقوقا في العلامات التجارية على اساس الاستخدام )). وهذه المادة تنظم واحدا من اهم صور وحالات المنافسة غير المشروعة والمتصلة باساءة استخدام العلامات التجارية ، وهي بحق الصورة الاكثر شيوعا في منازعات المنافسة غير المشروعة من ناحية التطبيق العملي.
- وتنص الفقرة الثانية من المادة 22 (وتتعلق بالمؤشرات الجغرافية) على انه :- (( فيما يتعلق بالمؤشرات الجغرافية ، تلتزم البلدان الاعضاء بتوفير الوسائل القانونية للاطراف المعنية لمنع:- (أ) استخدام اية وسيلة في تسمية او عرض سلعة ما توحي بان السلعة المعنية نشأت في منطقة جغرافية غير المنشأ الحقيقي باسلوب يضلل الجمهور بشان المنشأ الجغرافي للسلعة. (ب) اي استخدام يشكل عملا من اعمال المنافسة غير المنصفة حسبما يتحدد معناها في المادة 10 مكررة من معاهدة باريس 1967. )) وهذه المادة تقر بشكل واضح ان مفهوم المنافسة غير المشروعة المعتمد في تطبيقات واحكام الحماية هو المفهوم المقرر في اتفاقية باريس ، كما ان هذه المادة تورد احدى الصور الشائعة من صور المنافسة غير المشروعة المتعلقة ببيانات المصدر او المنشأ .
- وتنص المادة 39 من اتفاقية تربس (وهي المتعلقة بحماية المعلومات السرية) على انه :- (( (1) اثناء ضمان الحماية الفعالة للمنافسة غير المنصفة حسب ما تنص عليه المادة 10 مكررة من معاهدة باريس 1967 ، تلتزم البلدان الاعضاء بحماية المعلومات السرية وفق الفقرة 2 والبيانات المقدمة للحكومات او الهيئات الحكومية وفقا لاحكام الفقرة 3 . (2) للاشخاص الطبيعيين والاعتباريين حق منع الافصاح عن المعلومات التي تحت رقابتهم بصورة قانونية لآخرين او حصولهم عليها او استخدامهم لها دون الحصول على موافقة منهم باسلوب يخالف الممارسات التجارية النزيهة طالما كانت تلك المعلومات :- أ- سرية من حيث انها ليست بمجموعها او في الشكل والتجميع الدقيقين لمكوناتها معروفة عادة او سهلة الحصول عليها من قبل اشخاص في اوساط المتعاملين عادة في النوع المعني من المعلومات . ب- ذات قيمة تجارية نظرا لكونها سرية . ج- اخضعت لاجراءات معقولة في اطار الاوضاع الراهنة من قبل الشخص الذي يقوم بالرقابة عليها من الناحية القانونية بغية الحفاظ على سريتها . (3) تلتزم البلدان الاعضاء حين تشترط للموافقة على تسويق الادوية او المنتجات الكيماوية الزراعية التي تستخدم مواد كيماوية جديدة تقديم بيانات عن اختبارات سرية او بيانات اخرى ينطوي انتاجها اصلا على بذل جهود كبيرة بحماية هذه البيانات من الاستخدام التجاري غير المنصف . كما تلتزم البلدان الاعضاء بحماية هذه البيانات من الافصاح عنها الا عند الضرورة من اجل حماية الجمهور او ما لم تتخذ اجراءات لضمان عدم الاستخدام التجاري غير المنصف .)) وقد ورد ضمن المحاضر الارشادية والتوضيحية لنصوص الاتفاقية ان المقصود بالاسلوب المخالف للممارسات التجارية النزيهة "على الاقل ممارسات كالاخلال بالعقود والاخلال بسرية المعلومات المؤتمنة والحض على ذلك ، وتشمل الحصول على معلومات سرية من جانب اطراف ثالثة كانت تعرف او اهملت اهمالا جسيما في عدم معرفة ان حصولها على هذه المعلومات انطوى على استخدام هذه الممارسات " وتنظم هذه المادة بشكل رئيس الاسرار التجارية والمعلومات السرية المتعلقة ببعض تطبيقات الملكية الفكرية واتصال ذلك بالمنافسة التجارية غير المشروعة ، ولعل هذا احد مبررات تنظيم المشرع الاردني لموضوعي الاسرار التجارية والمنافسة غير المشروعة ضمن تشريع واحد ، طبعا الى جانب الشروط التنافسية في التراخيص وعقود نقل التكنولوجيا.
- وتنص المادة 40 من اتفاقية تربس تحت عنوان ( الرقابة على الممارسات غير التنافسية في التراخيص التعاقدية ) على انه :- (( (1) توافق البلدان الاعضاء على انه قد يكون لبعض ممارسات او شروط منح التراخيص للغير فيما يتعلق بحقوق الملكية الفكرية المقيدة للمنافسة آثار سلبية على التجارة ، وقد تعرقل نقل التكنولوجيا ونشرها . (2) لا يمنع اي من احكام هذا الاتفاق البلدان الاعضاء من ان تحدد في تشريعاتها ممارسات او شروط الترخيص للغير التي يمكن ان تشكل في حالات معينة اساءة لاستخدام حقوق الملكية الفكرية او التي لها اثر سلبي على المنافسة في السوق ذات الصلة . وحسبما تنص عليه الاحكام الواردة اعلاه ، يجوز لاي من البلدان الاعضاء اتخاذ تدابير ملائمة تتسق مع الاحكام الاخرى المنصوص عليها في هذا الاتفاق لمنع هذه الممارسات او مراقبتها ، ويجوز ان تشمل هذه التدابير مثلا منع اشتراط عودة الحق في براءات اختراع ناجمة عن التراخيص الى المرخص وليس المرخص له ، ومنع الطعن في قانونية الترخيص او منع اشتراط الترخيص القسري بمجموعة من الحقوق بدلا من حق واحد ، في اطار القوانين واللوائح التنظيمية المتصلة بذلك في اي من الدول الاعضاء .)) وهذه المادة تنظم موضوع الشروط العقدية التنافسية في اتفاقيات التراخيص ونقل التكنولوجيا والتي ستكون محل بحث في الفصل الثالث فيما يأتي .
- وينظم الجزء الثالث من اتفاقية تربس انفاذ حقوق الملكية الفكرية من حيث اقرار القواعد اللازمة لضمان هذه الحقوق ومسؤوليات الدول الاعضاء في توفير واتخاذ تدابير ادارية وقضائية تكفل الحماية الادارية والجزائية والمدنية لحقوق الملكية الفكرية وتكفل وتنظم الاجراءات الوقتية والمستعجلة التحفظية وطبيعة العقوبات والجزاءات وقواعد التعويض التي تتصل بالمسؤوليات الناجمة عن الاعتداء على اي من حقوق الملكية الفكرية المنصوص عليها في الاتفاقية .
من هذه النصوص وما يتصل بها من نصوص جرت الاحالة عليها في اتفاقية باريس ، يظهر ان احكام المنافسة غير المشروعة تجد موقعها في اتفاقيات التجارة الدولية من خلال الاحكام المتصلة بها في اتفاقية تربس ، وهذا بالطبع لا يعني ان احكام المنافسة التجارية والممارسات التجارية لا تجد موقعها الا في هذه الاتفاقية من بين الاتفاقيات التي تمثل بمجموعها حزمة اتفاقيات التجارة الدولية ، فثمة عديد من النصوص ذات صلة بمسائل المنافسة ومنع الاحتكار وردت في اتفاقيات السلع والخدمات والتفاهمات الملحقة بها ، لكن موضوع المنافسة غير المشروعة المتصل بحقوق الملكية الفكرية وبالصور المقررة في اتفاقية باريس يجد تنظيمه في اتفاقية تربس تحديدا من بين اتفاقيات التجارة الدولية ، ولعل هذه الاتفاقية وبهذا التنظيم قد حققت الربط الشمولي بين جوانب الملكية الفكرية المتصلة بالتجارة والاستثمار وبين مفاهيم حماية الملكية الفكرية المجردة عن النشاط التجاري ، لتكون مسائل المنافسة غير المشروعة اهم تطبيق من بين تطبيقات ومسائل الترابط بين الملكية الفكرية والتجارة الدولية .
الهوامش :-
1. تنص المادة 9 من اتفاقية باريس على انه :- (( (1) كل منتج يحمل بطريق غير مشروع علامة صناعية أو تجارية أو اسما تجاريا يصادر عند الاستيراد في دول الاتحاد التي يكون فيها لهذه العلامة أو لهذا الاسم حق الحماية القانونية. ( 2 ) توقع المصادرة أيضا في الدولة التي وضعت فيها العلامة بطريق غير مشروع أو في الدول التي تم استيراد المنتج إليها. ( 3 ) تقع المصادرة بناء على طلب النيابة العامة أو أية سلطة مختصة أخرى أو من صاحب مصلحة سواء أكان شخصا طبيعيا أو معنويا وذلك وفقا للتشريع الداخلي لكل دولة. (4) لا تلتزم السلطات بتوقيع المصادرة على المنتجات التي تمر بالدولة في تجارة عابرة.( 5 ) إذا كان تشريع الدولة لا يجيز المصادرة عند الاستيراد فيستعاض عن ذلك بحظر الاستيراد أو بالمصادرة داخل الدولة. ( 6 ) إذا كان تشريع الدولة لا يجيز المصادرة عند الاستيراد ولا حظر الاستيراد ولا المصادرة داخل الدولة فيستعاض عن هذه الإجراءات بالدعاوى والوسائل التي يكفلها قانون تلك الدولة لرعاياها في الحالات المماثلة، وذلك حتى يتم التعديل اللازم في التشريع.))
2. كما تنص المادة 10 ( اولا ) من ذات الاتفاقية على انه :- (( (1) تسري أحكام المادة السابقة في حالات الاستعمال المباشر أو غير المباشر لبيان مخالف للحقيقة عن مصدر المنتجات أو عن شخصية المنتج أو الصانع أو التاجر. ( 2 ) وعلى أية حال يعتبر صاحب مصلحة، سواء كان شخصا طبيعيا أو معنويا، كل منتج أو صانع أو تاجر يزاول إنتاج أو تصنيع تلك المنتجات أو الاتجار فيها ويكون مقره في الجهة التي ذكرت على غير الحقيقة على أنها المصدر أو الإقليم الذي تقع فيه هذه الجهة أو في الدولة التي ذكرت على غير الحقيقة أو في الدولة التي استعمل فيها بيان المصدر المخالف للحقيقة. ))
3. وتنص المادة 10(ثالثا) من اتفاقية باريس ايضا على انه :- (( ( 1 ) تتعهد دول الاتحاد بأن تكفل لرعايا دول الاتحاد الأخرى وسائل الطعن القانونية الملائمة لقمع جميع الأعمال المشار إليها في المواد 9 و 10 و 10 ( ثانيا ) بطريقة فعالة. ( 2 ) وعلاوة على ذلك تتعهد دول الاتحاد بتوفير الإجراءات التي تسمح للنقابات والاتحادات التي تمثل ذوي الشأن من رجال الصناعة أو الإنتاج أو التجارة والتي لا يتعارض وجودها مع قوانين الدول التي تتبعها، بالالتجاء إلى القضاء أو السلطات الإدارية لقمع الأعمال المنصوص عليها في المواد 9 و10 و10 (ثانيا) في الحدود التي يجيزها قانون الدولة التي تطلب فيها الحماية للنقابات والاتحادات التابعة لتلك الدولة.))
4. حول هذه الموضوعات ولمزيد من البحث والاطلاع انظر الورقة القيمة التي اعدها الدكتور محمد حسام لطفي تحت عنوان - تأثير اتفاقية تربس على التشريعات
الزميل المحامي / يونس عرب
إرسال تعليق