* المقدمة:
هنالك العديد من الدول التي ترى وجود حاجة ماسة لزيادة حماية حقوق الملكية الفكرية: المنتجات العلمية، المعلومات التي لا يمكن منحها حق المؤلف، براءة الاختراع وكل ما يمثل موضوعا لحقوق الملكية الفكرية، فالتقدم العلمي والتكنولوجي يعتمد على الموارد التي يتم توظيفها فيشتى مجالات الحياة والتي يتسم محتواها بالارتباط الوثيق بالواقع وقوانين الحياة والطبيعة وهنالك من الدول من يرى بان تحديد المعلومات التي يحتاجها السوق وطرحها بوضوح وصيغة ملائمة يتطلب مستوى رفيع من البراعة في الإبداع ،ومن ثمة هنالك حاجة إلى زيادة الحماية وتعزيزها لتوفير الحوافز الكافية للابتكار، ولوحظ بان طبيعة الابتكار في الصناعات الرئيسية مثل: الالكترونيات لم يتم معالجتها بالقواعد الحالية وهذا قد يؤدي إلى خلق أزمة في نموذج الحالي لحماية حقوق الملكية الفكرية.
ومن جانب أخر تتم عملية عولمة الحد الأدنى من معايير الحماية ، ففي الماضي كان أي بلد يستطيع وقف مبدأ المعاملة الوطنية أن يصوغ نظام الملكية الفكرية بما يتفق مع حاجاته ومصالحه طويلة المدى، شريطة أن يمنح الأجانب نفس المعاملة التي يمنحها للمواطنين .
وتعني هذه العملية على نحو خاص أن الدول النامية ملزمة أن تطبق معايير الحماية بما يتفق مع تلك التي تطبق في الدول الصناعية.
وعلى الرغم من أن نظام الملكية الفكرية الدولي الجديد يمكن أن يكون جيدا حسب نظام "باريتو" فمن المحتمل أن يفرض برتيبات تلائم الظروف والأوضاع القانونية لإحدى البلدان دون مجتمعات قد تكون مختلفة تماما في هذه الجوانب ، ولقد وضع التطور والانتشار السريع في تكنولوجيا المعلومات تحديات جسيمة أمام الجوانب المختلفة من القانون العام والخاص إذ يستدعي ميلاد منتجات جديدة وكذلك فروع كاملة جديدة من الصناعة مثل : أشياء المواصلات الحاسبات برامج الحاسب ..الخ .
ونظرا للتأثير الكبير لحقوق الملكية الفكرية على الدول النامية فقد تم تناول العلاقة بين اقتصاد هذه الأخيرة وحقوق الملكية الفكرية في جوانب مختلفة فأثناء السبعينيات كان تأثير براءات الاختراع بصفة خاصة على الدول موضع اهتمام الدراسية وأخذت العديد من المبادرات لتطوير قواعد دولية جديدة تأخذ في الحسبان مصالح تلك الدول إلا أن نجاحها كان محدودا وهذا في مبادرات إعادة النظر في اتفاق باريس وبعد اتفاق تربس الذي يعتبر أهم الاتفاقيات تأثيرا في حقوق الملكية الفكرية شرعت عدة دول نامية في عملية لإصلاح تشريعاتها فيما يتعلق بحقوق الملكية الفكرية حتى قبل تطبيق الاتفاق.
وباعتبار إن براءة الاختراع أخذت القسط الأوفر من اتفاق التربس ولاقت منها عناية كافية حيث احتوت النصوص المهمة التي تتعلق بالاختراع وحصوله على البراءة وحمايتها .
فما هي الآليات التي اعتمدها المشرع من اجل توفير الحماية للمخترع في حماية اختراعه؟
وما هي الإجراءات الواجب إتباعها للدفاع عن المركز القانوني للمخترع؟ لان حق الاختراع يكتسي أهمية قصوى في الحياة الاقتصادية وعليه سنحاول الإجابة على هذا الإشكال بأدوات منهجية تعتمد على التحليل والتركيب وذلك وفق الخطة التالية:
الفصل الأول: ماهية براءات الاختراع.
الفصل الثاني: الجرائم الواقعة على براءة الاختراع وحمايتها جزائيا.
وننهى البحث بعد ذلك بخاتمة نضم فيها أهم ما خلصنا إليه من نتائج.
المبحث الأول: الإطار القانوني لبراءة الاختراع
المطلب الأول: تعريف البراءة وطبيعتها
الفرع الأول: تعريف البراءة
براءة الاختراع هي الشهادة التي تمنحها الدولة للمخترع تثبت له حق احتكار استغلال اختراعه ماليا لمدة محدودة وبأوضاع معينة، ويكون موضوعها إما ابتكارا على موضوع المنتجات الصناعية الجديدة أو استعمال طرق صناعية جديدة والتي يترتب عليها حق احتكار صاحبها لاستغلاله.
وقد ترد الابتكارات على شكل المنتجات وهي الرسوم والنماذج الصناعية، تمثل براءة الاختراع المقابل الذي تقدمه الدولة للمخترع نتيجة جهوده، فيعترف له القانون لحق خاص على الابتكار والإفادة منه ماليا سواء بنفسه أو بطريق التنازل عنه للغير، وهو حق مطلق له دون غيره في مواجهة الجماعة، ومن مصلحة المجتمع أيضا تقرير هذا الحق للمخترع لما في ذلك من حافز على إذاعة الاختراع ولتشجيع على الابتكار وزيادة التقدم الصناعي.
إن الابتكار بدون شهادة البراءة ليعطي لصاحبها الحق اتجاه الجميع ويجوز للأشخاص استغلال هذا الابتكار ماليا "إذا كان غير مسجل" كما أن المخترع إذا ذاع ابتكاره قبل الحصول على شهادة البراءة، فمعنى ذلك انه لا يرغب في الاحتفاظ بحق خاص على ابتكاره.
ويستوي الأمر في حالة ما إذا توفي المخترع قبل تسجيله اختراعه وحصول على شهادة" البراءة "، فان ورثته لانتقل إليهم حق الملكية الصناعية بل مجرد " سر صناعي " وبمكانهم المطالبة على الحصول على براءة الاختراع أمام الجهات المختصة ( ).
الفرع الثاني: البراءة عقد أو قرار إداري
إن الشخص الذي ينجز اختراعه ما يهمه قبل كل شيء حمايته قانونا حتى يتمكن من استغلاله شخص أو يمنحه ترخيص لهذا الغرض، وعلى ذلك تظهر الوثيقة الممنوحة للمخترع كالجهاز القانوني الأساسي لتشجيع البحث العلمي والتطور الصناعي نظرا للاحتكار المعترف به لصالح المخترع في استغلال إنجازه.
ولقد اعتبر إن السند الممنوح للمخترع يجد مصدره في اتفاق إرادتين، إرادة المخترع الذي يكشف اختراعه للجمهور وإرادة المجتمع الذي يضمن للمخترع احتكارا مؤقتا لاستغلاله بيد أن هذا التعريف غير كافي في حد ذاته إذ لا يتبين بصورة دقيقة طبيعة هذا السند فبراءة الاختراع هي الوثيقة التي تمنحها الإدارة للشخص الذي أنجز اختراعا شريطة أن يكون قد استوفى كافة الشروط القانونية الضرورية لصحة الاختراع ويترتب على ذلك أن براءة الاختراع هي قرارا إداريا صادرا الهيئة المختصة قانونا ، وبالرغم من إن جانب من الفقه يرى بان البراءة هي عقد بين المخترع والإدارة، فيبقى هذا الرأي قابل للنقد ، فالقول أن المخترع يوافق على كشف اختراعه إلى الجمهور بواسطة الإدارة " مقابل حقه في احتكار استغلاله والإفادة منه خلال مدة معينة " ، لا يكفي الاعتبار انه تم ابرأهم عقد بين المخترع والإدارة.
وحتى إذا استند أنصار هذا الموقف إلى دور الإدارة قائلا أنها لا تفحص الاختراع من الناحية الموضوعية، أي لا تبحث عن وجود الشروط الموضوعية في الاختراع، فهذا يبين بالعكس انه ليس للإدارة حرية في إبرام العقد ( ).
فإنها ملزمة باحترام النصوص القانونية التي تحدد مجال تدخلها، ويمكن الاستدلال على ذلك من صدر المادة 21 الفقرة الأولى من المرسوم التشريعي رقم 93-17 المؤرخ في 07ديسمبر 1993 الذي يقضي بان الإدارة تسلم السند إلى المخترع الذي قدم طلبه" بحسب القانون" دون فحص سابق ودون ضمان لحقيقة الاختراع أو جدته أو جدارته أو صدق لوصف ودقته.
فالإدارة ملزمة بمراقبة الطلب من الناحية الشكلية حيث يجب أن يتضمن عدة وثائق، ولهذا يحق لها إذا كان الطلب غير صحيح، إعادة الملف للطالب أو وكيله مع دعوته لتصحيحه خلال مدة شهرين قابلة للتمديد عند الضرورة، كما يحق للإدارة رفض الإيداع إذا كان الإنجاز مستبعدا من مجال تطبيق النص القانوني، ومن تم يتبين تدخل السلطة الإدارية أن الإيداع لا ينشىء حقا لصالح المودع، كما يظهر أن الإدارة والمخترع على حد سواء مقيدان بفحوى الأحكام القانونية، مما يستوجب على المخترع استيفاء كافة الشروط القانونية ويجب على الإدارة قبول الطلب ومنح البراءة متى توافرت هذه الشروط .
وعلى العموم تعتبر المبادئ العامة الخاصة بالعقود غير قابلة للتطبيق على براءة الاختراع إذ تخالف وضعها القانوني للقواعد الأساسية المتعلقة بإبرام العقود الخاصة القبول والإيجاب( ).
المطلب الثاني: تسليم البراءة وآثارها
الفرع الأول: تسليم البراءة للمخترع
يتمتع المخترع- بفضل السند المسلم له- بعدة حقوق ولاسيما باحتكار مؤقت لاستغلال اختراعه، وبهذا يجب أن يتضمن طلبه وصفا كاملا للاختراع المطلوب حمايته قانونا، فيجب إذا أن يحتوي الطلب زيادة على الوثائق الإجبارية على وصف الاختراع وعلى الرسوم قد تكون لازمة لفهم الوصف، وعلى ذلك تعتبر براءة الاختراع، الوثيقة التي تسلمها للإدارة المختصة والتي تتضمن كشف لأوصاف الاختراع ليتمكن المخترع من التمتع بانجازه بصورة شرعية، فهو محمي ضد كل التجاوزات مما أدى إلى القول أن" القانون لا يحمي المخترعين بل يحمي أصحاب السند " .
ولكن تجدر الملاحظة إلى أن الأمر رقم 66 -54 كان يميز شهادة المخترع عن براءة الاختراع ، فكانت تسمية" البراءة " مستعملة للدلالة على السند المسلم للمخترع الأجنبي، وفيما يخص "شهادة المخترع" فكانت تدل على السند الممنوح للمخترع الجزائري، وهذا بالرغم من أن الشروط الموضوعية في الاختراع لم تكن تختلف في الحالتين .
ولا شك أن هذا التمييز كان يمس بحقوق المخترع الجزائري ويسبب له ضررا، بينما لا تنظر الأحكام الراهنة إلى جنسية المعني بالأمر، فالمواطن الجزائري الحق في الحصول على براءة اختراع شأنه في ذلك شأن المخترع الأجنبي، ولأنها لقيت سيلا من النقد، ألغى المشرع شهادة المخترع التي كانت تجد مصدرها في النظام الاشتراكي المعمول به سابقا( ).
فكانت هذه الشهادة تعتبر عرقلة الإبداع والاختراع حيث تكن تشكل إلا سندا شرفيا تمنحه الدولة للمخترع الجزائري مقابل استغلال انجازه لصالح الجميع.
وفيما يخص شهادة الإضافة، فهي الشهادة الممنوحة للمخترع: مهما كانت جنسيته، في حالة إدخال تغييرات أو تحسينات أو إضافات على اختراعه( ).
الفرع الثاني: أثار براءة الاختراع
يترتب على صدور قرار منح البراءة يصبح المخترع مالكا لها، فله استغلال الاختراع، كما له أن يتصرف في البراءة بما شاء من التصرفات طيلة مدة البراءة في النظام الليبرالي القائم على الملكية الفردية لوسائل الإنتاج يسود نظام براءة الاختراع فيكون من حق المخترع احتكار استغلال اختراعه.
في حين يسود في النظام الاشتراكي القائم على الملكية العامة لوسائل الإنتاج نظام الإفادة ماليا من اختراعه في صورة مكافأة ويكون احتكار الاستغلال للجماعة ممثلة في الدولة والمؤسسات العامة...الخ.
نصت المادة 11 من التشريع تخول براءة الاختراع مالكها الحق فيما يأتي مع مراعاة المادة 14أدناه:
صنع المنتوج موضوع البراءة واستعماله وتسويقه أو حيازته لهذه الأغراض.
استعمال طريقة الصنع موضوع الاختراع الحاصلة على البراءة وتسويقها واستخدام المنتوج الناجم مباشرة عن تطبيقها وتسويقها وحيازته لهذه الأغراض.
منع أي أشخاص من استغلال الاختراع موضوع البراءة صناعيا دون رخصة من المخترع".
إن براءة الاختراع تنشئ حق الاحتكار مؤقت لصاحب البراءة لاستغلال اختراعه في إقليم الدولة المانحة لها، وتشمل براءة الاختراع حق احتكار الإنتاج والبيع. والتصدير وتطبيق الطريقة الصناعية موضوع هذه البراءة...الخ( ).
أولا : حقوق صاحب البراءة
أ- الحق في احتكار استغلال البراءة
تخول البراءة لمالكها دون غيره الحق في استغلال الاختراع في حدود إقليم الدولة المانحة لها.
فإذا كانت براءة الاختراع لشخص معين بالذات، انفرد هذا الشخص دون غيره باستغلال الاختراع وقد يعهد به إلى غيره مقابل تعويض.
أما إذا كانت البراءة مملوكة لعدة أشخاص، كان الحق في البراءة لهم جميعا شركة و بالتساوي بينهم ما لم يتفقوا على خلاف ذلك.
أما المقصود باستغلال الاختراع فهو الإفادة منه ماليا بالطرق والوسائل التي يختارها صاحب البراءة ويراها صالحة للاستغلال وبجميع الطرق الملائمة ( ).
-01- الحدود القانونية المتعلقة بمحتوى الحق في البراءة
لقد سبق القول إن المشرع الجزائري منح الحق في احتكار استغلال الاختراع الأول من قام بإيداع الطلب، كما اعترف بإمكانية استغلال الاختراع موضوع البراءة من قبل شخص ليس المودع، ويجد هذا الاستثناء أساسه في ضرورة حماية كل من حقق اختراع لكنه لم يقم بإيداعه في الآجال اللازمة، ويقصد هنا كل من قام عن حسن نية، قبل تقديم طلب البراءة أو عند تاريخ المطالبة بالأولوية يصنع المنتوج المحمي بالبراءة موضوع الاختراع المودع أو استخدام الطريقة المغطاة بالبراءة أو قام بتحضيرات معتبرة قصد مباشرة هذا الصنع أو الاستخدام، فيحق له مواصلة نشاطه رغم وجود البراءة: يترتب على ذلك انه يسمح لصاحب البراءة التمسك بحقه في احتكار استغلال الاختراع لمنع المستفيد من مواصلة الاستثمار طالما يتمتع به شخصيا، وبالرغم من أن هذا الاستثناء يبقى خاضعا لشروط معينة فانه يمثل مساسا بحق المخترع في احتكار استغلال اختراعه( ).
-02- المدة القانونية لاحتكار استغلال البراءة:
الحق في الاحتكار المؤقت وليس مؤبدا، يتم تقييد حق الاحتكار لمدة محددة يعود بعدها الاختراع مباحا يستطيع كل فرد أو مؤسسة استغلاله دون قيد أو شرط ولحكمة من هذا التقييد تتمثل في التوفيق بين مصلحة المخترع ومصلحة المجتمع( ).
لقد حدد المشرع في المادة 09 المدة القانونية لاحتكار استغلال البراءة بعشرين سنة تحسب من يوم إيداع الطلب للحصول على شهادة المخترع أو براءة الاختراع( ).
-03- نطاق الحق في البراءة من حيث المكان:
تمنح البراءة لصاحبها حق احتكار استغلال الاختراع في حدود إقليم الدولة التي تم فيها تسليم السند ، لذا يتوجب على مالك البراءة الذي قام بإيداع اختراعه في الجزائر عدم تعدي الحدود الإقليمية ، أي يلتزم بممارسة حقوقه داخل القطر الجزائري ، وإذ راد المخترع حماية اختراعه في دول مختلفة يلتزم مبدئيا بإيداعه في كافة هذه الدول ، لهذا تلعب اتفاقية اتحاد باريس، - التي انضمت إليها الجزائر، دورا جوهريا في هذا المجال حيث تسمح بحماية اختراعات رعايا الدول الأطراف فيها شريطة أن يكون المخترع قد قام بإيداع لا اختراعه ، ولمبدأ إقليمية البراءة (TERRI TORIALITE DU BREVET PRINCIPE DE LA ) وجهين فهو يظهر كالتزام أمر يفوض على المخترع عدم تعدي الحدود الإقليمية، لكنه في نفس الوقت حقا ممنوحا لصاحب البراءة في استغلال اختراعه داخل حدود الدولة التي منحت البراءة، الأمر الذي ينبغي حمايته، وتتحقق هذه الحماية بمقتضى دعوى التقليد التي تسمح لمتابعة كل من انتهك حقوق ومالك البراءة ( ).
-04- الاستثناء على حق احتكارا استغلال الاختراع
سبقت الإشارة بأنه يترتب على تقديم طلب البراءة انفراد صاحبها في استغلالها والإفادة منها مدة معينة ، إلا أن المشرع الجزائري أورد استثناء من شأن التضييق من نطاق احتكار صاحب البراءة لاستغلال اختراعه فتنص المادة 14 " إذا قام احد عن حسن نية، عند تاريخ إيداع طلب براءة الاختراع أو تاريخ الأولوية المطالب به قانونا ما يأتي: ( )
صنع المنتوج أو استخدام طريقة الصنع موضوع الاختراع المحمس بالبراءة.
أو قام بتحضيرات معتبرة قصد مباشرة هذا الصنع أو الاستخدام فانه يحق له الاستمرار في عمله على الرغم موجود براءة الاختراع المذكورة .
يستفاد من أحكام هذه المادة انه من حق المخترع في احتكار استغلال الاختراع وهذا إذا أجاز المشرع له سبق له أن استغل نفس هذا الاختراع -دون تقديم طلب من الغير إلى الجهة الإدارية المختصة للحصول على براءة اختراع أو بعد حصوله فعلا على البراءة ، إما أساس أحقية مستغل الاختراع الأول في استغلال اختراعه هو الحيازة الشخصية للاختراع السابقة على منع البراءة، دون أن يكون هذا الاستغلال تعرض لصاحب البراءة أو تقليدا للاختراع بل هو مبدأ من مبادئ العدالة ( ).
ب/ حق التصرف في البراءة:
1- التنازل عن البراءة:
يجوز التنازل عن براءة الاختراع إلى الغير كليا أو جزئيا بعد صدورها صحيحة من الإدارة وقد يكون هذا التنازل يعوض أو يعتبر عوض.
إذ تم التنازل عن براءة الاختراع يعتبر عوض كان بصدد عقد هبة يخضع في انعقاده، وشروطه وإجراءاته إلى أحكام القانون المني الخاص بعقد هبة، إما إذا تم التنازل إلى الغير بعوض فإننا نكون بصدد عقد بيع.
إذا تم التنازل عن براءة الاختراع كلية، تنتقل في هذه الحالة إلى المتنازل إليه جميع الحقوق المترتبة على ملكية البراءة كما يشمل التنازل جميع البراءات الإضافية التي تم الحصول عليها تاريخ التنازل، وقد يتم التنازل عن جزء من براءة الاختراع كالتنازل على حق الانتاج مثلا او حق البيع فقط، أو التنازل عن الحق في الاستغلال لمدة معينة تعود بعدها براءة الاختراع الى المتنازل وفي جميع الحالات لاتنتقل الى المتنازل اليه الا الحقوق التي تتفق او الجزء المتنازل عنه مع احتفاظ المتنازل ببقية الحقوق الأخرى( ).
ومن صور التنازل عن براءة الاختراع تقديمها كحصة عينية في رأس الشركة فتقدم اما على سبيل التملك فترى عليها أحكام عقد البيع، فتصبح جزءا من راس الشركة لاتباع الى صاحبها بعد تصفيتها، ولا يحتفظ المخترع سوى بحقه الأدبي.
اما اذا تم تقديمها كحصة عينية في الشركة على سبيل الانتفاع، فترى في هذه الحالة احكام الترخيص الإجباري، أي تكون للشركة حق استغلال البراءة ويحتفظ المالك بملكيتها واستغلالها أيضا.
كي يكون التنازل لجزئ او الكلي حجة على الغير ، فان الامر يقتضي باجراءات التسجيل وهي التأشير بالتنازل في سجل البراءة ، فبراءة اختراعه التي تكون محل التنازل عن المحل التجاري خاضعة فيما يخص طرق انتقالها إلى القواعد التي يقررها التشريع الساري المفعول .
فالمادة 147 من القانون التجاري تقضي بضرورة بيع براءة الاختراع في السجل الخاص بها كدليل كتابي و إلا كانت باطلة ( ).
2- الرهن الحيازي للبراءة:
يستطيع مالك البراءة الحصول على قروض إذا وضع البراءة كضمان عن طريق رهنها رهنا حيازيا( )، والجدير بالذكر انه يجوز رهن البراءة امى بصورة مستقلة واما أثناء رهن المحل التجاري باعتبارها عنصر من عناصره المعنوية ( )، ويشترط في رهن البراءة الكتابة والا كانت باطلة، كما يجب تسجيل العقد في الدفتر الخاص بالبراءات( ) ويشترط استقاء هذه الإجراءات حتى لو كانت البراءة عنصر من عناصر المحل التجاري المرهون فالإجراءات الرامية إلى نشر رهن المحل التجاري غير كافية في حد ذاتها، لذا تسجيل رهن البراءة في السجل الخاص بالبراءة الذي يمسكه المعهد الوطني الجزائري للملكية الصناعية.
ويفرض قيد رهن البراءة في الدفتر الخاص بالبراءات حتى يكون حجة على الغير ، لهذا إذا تم رهن البراءة أثناء رهن المحل التجاري وتم تسجيل رهن المتجر في السجل التجاري الذي يمسكه المركز الوطني للسجل التجاري - دون تسجيل عملية رهن البراءة في السجل الخاص ببراءات الاختراع الذي يمسكه المعهد الأنف الذكر - فلا يمكن الاحتجاج بعملية رهن البراءة ازاء الغير ( ).
ولابد من الإشارة الى ان السلطة المختصة كانت مؤهلة سابقا لتسليم الى كل طالب نسخة من التسجيلات المدونة في دفتر البراءات وبيان التسجيلات التي لا تزال موجودة على البراءات المغطاة على سبيل الرهن او تسليم شهادة تثبت انه لا يوجد أي تسجيل( )، وفيما يتعلق بشطب التقييدات المتعلقة بالبراءات المسلمة على سبيل الرهن انه كان يفرض إيداع نسخة أصلية مسجلة بصورة شرعية من العقد المتضمن رفع اليد عن الرهن أو نسخة من الحكم الذي اكتسب قوة الشيء المقضية( ).
كما يجب حماية الشخص المستفيد من عملية الرهن، وعلى هذا الأساس يتمتع بكافة الصلاحيات التي يتمتع بها كل من دائن مرتهن لهذا إذا أراد تحقيق رهنه، يتوجب عليه حجز البراءة وبالرغم من ان الدائن المرتهن لا يكتسب حق استغلال الاختراع، فيجب ان يسهم على البراءة حتى لا تنخفض قيمتها، ( )الأمر الذي أدى إلى القوا انه مؤهل لرفع دعوى التقليد ، وفي هذا الصدد تجد الإشارة الى ان التشريع الراهن - مثل التشريع السابق- لم يتضمن أحكاما خاصة بعملية الرهن او المتعلقة بإجراءات الحجز لذا يجب انتظار النص التنظيمي لكن، ليس هنالك مانع للرجوع الى قواعد قانون الاجراءات المدنية.
ومن ثم يفرض على الدائن المرتهن تبليغ عملية الحجز عن طريق عقد غير قضائي موجه الى صاحب البراءة والى الهيئة المختصة والى كافة الأشخاص الذين يملكون حقا على البراءة ويلتزم الدائن الحاجز ( LE CREANCIER SAISISSANT ) بتقديم طلب بتثبيت الحجز (DEMENDE EN VALIDITE DE LA SAISIE ) ولوضع البراءة في البيع، والا وقع الحجز تحت طائلة البطلان أخيرا ينتهي رهن البراءة بصفة عامة بانتهاء مدة البراءة او بتسديد الدين سبب الرهن( ).
3-الترخيص بالاستغلال
ا: الترخيص الاختياري
ينشا الترخيص بالاستغلال بناء على اتفاق يلتزم بمقتضاه صاحب البراءة يمنح إجازة باستغلال الاختراع بالشروط المتفق حولها مقابل مبلغ من المال( ).
والترخيص الاختياري هو عبارة عن عقد رضائي ينشأ بتوافق الطرفين وبرضائها واوجب قيد المشرع أن يكون كتابيا مسجلا في السجل الخاص ببراءات الاختراع مقابل دفع رسم محدد، وهو من أهم العقود المنتشرة والمستعملة بكثرة في استغلال براءة الاختراع ويكون هذا الترخيص لشخص واحد أو لعدة أشخاص ولأحدى الشركات ، كما قد يكون هذا الترخيص كليا أو جزئيا او محدد بمدة زمنية معينة او في اقليم معين .
تنص المادة 24 بأنه " يمكن صاحب براءة الاختراع أن يمنح شخصا آخر رخصة استغلال اختراعه بواسطة عقد لا يعتد بالبنود الواردة في العقود المتصلة بالرخصة اذا فرضت على مشتري الرخصة في المجال الصناعي او التجاري حدودا ناجمة عن الحقوق التي تخولها براءة الاختراع او التي لا تكون ضرورية لحماية هذه الحقوق.
في الغالب ان منح اية رخصة لا ينفي إمكانية منح نفس الترخيص الى شخص اخر ، او يقوم صاحب البراءة نفسه باستغلال اختراعه او بواسطة شخص اخر ، او على العكس من ذلك فانه لا يجوز للمرخص له ان يمنح ترخيصات أخرى تغلب على الترخيص التعاقدي في الاستغلال الاختراع الاعتبار الشخصي كأن تكون المرخص له ذو سمعة تجارية او صناعية معينة او ذو ائتمان كبير يمكنه من استغلال الاختراع على أحسن وجه او ان يتمتع بثقة معينة من جانب صاحب البراءة ، اما مدة الترخيص بالاستغلال كقاعدة عامة هي المدة القانونية المحددة الاحتكار استغلال البراءة، كما يجوز للطرفين ان يتفقا على قصر الترخيص على مدة اقل( ).
من خلال ماسبق نلاحظ ثبوت حق الاستغلال الاختراع للمرخص له لكن حق الملكية يبقى ثابتا لصاحب البراءة ويتم هذا الاستغلال وفق لشروط العقد كما لا يجوز للمرخص له التنازل عن الترخيص للغير او اعادة ترخيص لاستغلال من طرف الغير.
ب - الترخيص الإجباري:
نظم المشرع الجزائري الترخيص الإجباري (LICENCES OBLIGATOIRES ) الذي تدعو الحاجة إليه لعد الاستغلال او عدم كفايته وذلك بعد مدة أربع سنوات من تاريخ طلب البراءة او ثلاث سنوات من تاريخ تسليمها، ويشرط عدم إبداء صاحب البراءة أعذارا مشروعة يبرر عدم قيامه بهذا الاستغلال ولا يعتبر استيراد المنتجات من الخارج عذرا شرعيا يبرر عدم القيام بهذا الاستغلال( ).
لقد أوردت المادة25 الفقرة الأولى موجبات منح الرخصة والتي تتمثل فيما يلي:
-*- عدم استغلال الاختراع من صاحب البراءة بعد أن تحصل على هذه البراءة لاستغلاله وذلك بعد المدة التي حددها المشرع الجزائري بأربعة سنوات من تاريخ إيداع الطلب وبثلاث سنوات من تاريخ تسليمها وينتج عن هذه الحالة منح الترخيص للغير إجباري.
لقد راعى المشرع منح مالك براءة الاختراع هذه المهلة إعطاء فرصة لاتخاذ الاستعدادات اللازمة من شراء او بناء التجهيزات والإمكانيات الواجب توفرها لاستغلال الاختراع والمرور المهلة المذكورة أعلاه والاستغلال لم ينطلق ، يفرض المشرع ان ذلك دليل على عجزه عن استغلال الاختراع او على عدم رغبته وجديته في استغلاله والإفادة منه، وفي هذه الحالة مادام لم يحصل استغلال الاختراع، فعلا جاز للغير ان يحصل من جهة القضائية المختصة على ترخيص إجباري باستغلال البراءة.
-*-نقص استغلال البراءة: وفي هذه الحالة يكون استغلال صاحب البراءة لها استغلال ناقصا لايكتفي لسد حاجيات الدولة الاقتصادية وهنا يستطيع الغير الحصول على رخصة للاستغلال الامثل لهذا الاختراع والافادة الوطنية منه وذلك من جهة القضائية المختصة ويتم الحصول على الترخيص الاجباري في غياب مبررات عدم الاستغلال او نقصه لهذا الاختراع( ).
ثانيا : التزامات صاحب البراءة:
أ- الالتزام بدفع الرسوم:
نص المشرع في المادة التاسعة علة نوعين من الرسوم او الحقوق التي يجب دفعها وهي :
1- رسوم تدفع عند التسجيل.
2- رسوم الاحتفاظ بصلاحية البراءة أو ما يطلب عليه بالرسم السنوي.
3- كما أضاف المشرع رسما آخر لدفع عند طلب شهادة الإضافة لا بموجب المادة (15/2).
لقد تعرضت جل التشريعات الى نوع الرسوم الثلاثة يلتزم مالك البراءة الاختراع لتسديد مبالغها سواء كان ذلك عند تقديم طلب براءة الاختراع او طلب الإضافة، كذلك يلتزم صاحب البراءة بأداء رسوم سنوية مقابل الاحتفاظ بصلاحية البراءة، غير انه وفي ظل تشريع رقم66-54 الملغى وبمقتضى المادة (9/4) أعفت الدولة المخترع من دفع هذه الحقوق، والتزمت من معه في دفعها، وكان يهدف المشرع من وراء هذا الإعفاء من دفع هذه الرسوم إلى تشجيع الاستثمار في المجال الصناعي الذي كانت تعاني البلاد من فقدانه، بل والى استقطاب التكنولوجيات والاستفادة من الاختراعات الأجنبية للمساهمة في نهضة البلاد صناعيا ( ).
ب- التزام بالاستغلال:
في مقابل منح حق استغلال الاختراع لصاحبه لمدة (04) سنوات من تاريخ إيداع البراءة او03 سنوات من تاريخ تسليمها، يلتزم صاحب البراءة باستغلال اختراعه فهذا الالتزام يعتبر من قبيل العقود، فهو اجتماعي يلتزم بمقتضاه المخترع باستغلال براءته الإفادة المجتمع.
من المنطق ان يقوم الشخص باستغلال اخترعه وقف للحقوق الممنوحة له، لكن في حالة ما اذا لم يقم باستغلاله بتاتا او استغلاله بطريقة غير كافية يمكن حق الدولة ان تمنح حق لاستغلال الى غيره للمصلحة العامة وفق شروط معينة .
كما قد يقوم الشخص باستغلال اختراعه في حدود إمكانياته لكن هذا الاستغلال لا يكفي حاجات البلاد، فهنا يمكن للدولة ان تمنح هذا الاستغلال للغير الذي يعجز عليه صاحب الاختراع.
او ضحت المادة 25 من التشريع الجزائري بان لكل ذي مصلحة في أي وقت بعد انقضاء مهلة أربعة سنوات من تاريخ إيداع الطلب او03 سنوات من تاريخ تسليمه البراءة ان يطلب رخصة إجبارية في حالتي عدم الاستغلال او الاستغلال الغير الكافي الا اذا قدم صاحب البراءة أعذارا مشروعة.
كما اشترطت المادة 47 من التشريع رقم 66-54 ان تقدم طالب الرخصة الضمانات اللازمة للاستغلال لتفادي النقص الذي كان سببا في منح ا لرخصة .
يتم منح الرخصة مقابل دفع رسم لدى المصالح المختصة وتحويلها يتم بترخيص من السلطة التي منحتها، ويتم طلب هذه الرخصة أمام المحكمة المختصة والتي تدعو لحضور الطالب للرخصة وصاحب البراءة او ممثليها، كما يجوز لها ان تطلب رأي الوزير الذي يهمه الأمر ( ).
المبحث الثاني: الاستثناءات الواردة على الحصول على البراءة
المطلب لأول: النظريات العلمية والمناهج الرياضية، طرق التشخيص، العلاج والجراحة
الفرع الأول: النظريات العلمية والمناهج الرياضية
لقد استبعد المبادئ والنظريات العلمية من مجال تطبيق النص القانوني واعتبرت غير قابلة للبراءة( )، إن إعداد نظريات علمية – أو أفكار علمية، ووضع مبادئ علمية لا تسمح للباحث بمطالبة الحماية القانونية، فهو لا يتمتع بحق احتكار هذه النظريات أو هذه المبادئ لكن يجوز له منطقيا طلب براءة اختراع اذا كان الأمر يتطلب بتطبيقاتها الصناعية ولهذا يمكن القول بان موقف المشرع الجزائري غير واضح في هذا المجال حيث يقضي النص القانوني ( ) بعدم اعتبار النظريات والمبادئ العلمية اختراعات لكنه لم يتطرق الى تطبيقاتها الصناعية فكان من المستحسن لتفادي الغموض ان يتولى سن أحكام بشأن الإنجازات الناجمة عن تطبيق المبادئ والنظريات العلمية، وهذا الحل لا يخالف الشروط المحددة قانونا لمنح البراءة( ).
وهكذا يجب في حالة عدم إثبات التطبيق الصناعي لنظرية علمية معينة رفض حمايتها، هذا ما يسمح بالقول ان العبرة بالتطبيق الصناعي لنظرية ما وليس في النظرية العلمية لإنجاز منتجاة مختلفة، فتعتبر هذه النظريات او الأفكار العلمية ملكا شائعا للجميع ( ).
ولابد من الإشارة الى ان جانب من الفقه اقترح، شمول الاكتشافات والاقتراحات العلمية، في الحماية القانونية لان الجزائر بلد نامي وبحاجة الى جهد ينصب على تطوير وتنمية صناعته وان تشجيع الاختراع له أهمية في هذه المرحلة يؤدي الى تنامي إطاراته فيزيد من وتيرة التطوير( ).
ويقصد بالاقتراحات العلمية " الأفكار والآراء لتحسين أسلوب العمل او تعديله "( ).
فيجي استبعادها من مجال تطبيق النص القانوني لأنها مجرد آراء لا أكثر ولا اقل وبالرغم من أنها تتضمن في بعض الأحيان ايجابيات اذا يمكن ان يدلي الخبير برأيه في مجالات صناعية متخصصة فلا يعد هذا النشاط الذهني اختراعا ولو أدى إلى تحسين في الفن الصناعي القائم .
والجدير بالذكر انه يجب اعتبار الأفكار مستبعدة من الحماية، فهي غير قابلة للبراءة، كما انها مستبعدة من الملكية الأدبية والفنية، بينما يجوز حماية المنشأة الملموسة الناجمة من تطبيق فكرة معينة، ولقد اقترح حماية مصالح العلماء الذين يكتشفون في إطار بحوثهم الأساسية بعض النظريات العلمية التي تسمح القيام بالبحث التطبيقي ومن ثم تحقيق تطور التكنولوجيات.
ومنه فانه لا يمكن اعتبار الاكتشافات والنظريات العلمية والمناهج الرياضية من قبيل الاختراعات حيث تتمثل هذه الأخيرة في إنجاز شيء جديد يتضمن نشاط ابتكاريا ويكون قابلا للتطبيق الصناعي ( ).
الفرع الثاني: طرق التشخيص، العلاج والجراحة
تسمح المادة 27/3 من اتفاق التريس للدول الأعضاء ان تستثني من الحصول على البراءة طرق التشخيص، العلاج، وإجراء العمليات الجراحية لمعالجة الإنسان والحيوان.
وهذا الاستثناء تقره معظم دول العالم نظرا لأنه لا يوجد اختراع، او لكي تتحين ان يؤثر الاحتكار في مجال معين على صحة الإنسان والحيوان .
إن انتهاك حقوق البراءة بالنسبة لهذه الطرق من الصعب تحديده، ومن ثمة فان القيمة العلمية لمنح البراءة تعد محل شك كبير ومع هذا تصبح البراءة أكثر أهمية بالنسبة لطرق العلاج بالنظر للتطور في العلاج الجيني.
ولا يمتد عدم منح البراءات وفق هذا الاستثناء الى الطرق والمنتجات التي يمكن ان تستخدم لكي تطبق إحدى الوسائل المشار إليها ( ).
-المطلب الثاني: النظام العام والأخلاق، الخطط والمناهج والمبادئ
الفرع الأول: النظام العام والأخلاق
تتضمن المادة 27/2 من اتفاق التربس ضمن الاستثناءات من الحصول على براءة الاختراع، ان أي دولة يمكن ان تضع في قانونها المحلي( لكنها ليست مجبرة على ذلك) الافتراضات المكونة للنظام العام او الأخلاق ( )
وتنص المادة المذكورة انه:
" يجوز للبلدان الأعضاء ان تستثني من قابلية الحصول على براءة الاختراع تلك التي يكون منع استغلالها تجاريا في أراضيها ضروريا لحماية النظام العام او الأخلاق بما في ذلك حماية الحياة او الصحة البشرية او الحيوانية او النباتية او لتجنب الأضرار الشديدة بالبيئة، شريطة ان لا يكون هنالك الاستثناء ناجما فقط على حضر قوانينها لذلك الاستغلال" .
و يشير الاستثناء كما ورد، العديد من المسائل المتصلة بإنقاذ هذه المادة على المستوى القومي، ففكرة الأخلاق والنظام العام تكون مبهمة ومتميزة.
(DULIAN . 1997 .p 166 pollau ) كما ان محتواها يعتمد على الؤى الوطنية من قبل القضاء ومكاتب البراءة .
يستخدم التربس مفهوم النظام العام كأحد أسس الاستثناء، ويمكن تفسير هذه المفاهيم على انه أضيق من مفهوم للصالح العام، وحسب إرشادات الفحص للمكتب الأوروبي لبراءات الاختراع، على سبيل المثال، يرتبط النظام العام بأسباب أمنية، مثل الاضطرابات، الفوضى العامة، الاختراعات التي يمكن ان تؤدي الى سلوك عدواني وإجرامي بصفة عامة(31 PARTCCHAPTERIV).
ومع ذلك لا توجد فكرة موحدة مقبولة على نحو عام للنظام العام، فالدول أعضاء منظمة التجارة العالمية لديها مرونة كبيرة في تحديد أي الفروض تمت تغطيتها اعتمادا على تصورها الخاص لحماية القيم العامة.
وتشير المادة 27/2 ذاتها إلى ان المفهوم لا يقف عند حد الأسباب المتعلقة بالأمن، فهي تتعلق أيضا بحماية حياة او صحة الإنسان والحيوان والنبات يمكن ان تنطبق على الاختراعات التي يمكن ان تؤدى الى الأضرار بالبيئة .
ويعتمد بعض القرارات الهامة المرتبطة بمنح البراءة على الحكم في المسألة الأخلاقية، فكما ذكر احد الكتاب " من غير المقبول ان تعتقد ان مكاتب البراءة يمكن ان تمنح براءات لاي نوع من الاختراعات، دون اعتبار للمسائل الأخلاقية أي ما كانت (BERCORTZ 1996 53) والقرار الذي يستند الى ذلك لا يمكن الشكوى ضده وفق عملية تسوية المنازعات في منظمة التجارة العلمية ان لم تكن خارج نطاق المعنى المعقول لهذا المفهوم على النحو واضح ( ).
ويوجد القليل في قانون السوابق الوطني لرفض او الغاء براءة الاختراع بناء على اسس تتعلق بالنظام العام والاخلاق وقد قرر المكتب الاوربي لبراءة الاختراع – استنادا للمادة 53/2 من الاتفاقية الاوربية بعض الحالات التي تتضمن منتجات مهندسة وراثيا ، حيث توضح كيف هذا الشرط .
وطبقا لإرشادات هذا المكتب لفحص براءة الاختراع، يمكن رفض منح البراءة لاختراع ما استند على أسس اخلاقية، او النظام العام في حالات نادرة ( ).
وتتمثل احدى النقاط العامة التي يجب ان تأخذها بعين الاعتبار في مدى اعتبار دور مكتب البراءة في تقدير او افكار منح البراءة استنادا للأسس الأخلاقية والصالح العام يعد كافيا للحيلولة دون حدوث التأثيرات الضارة ومع اخذ اختصاص المكتب في الحسبان، فان عدم منح البراءة يكفل فقط انه لم يتم احتكار والاختراع، إلا أن هذا لا يعد كافيا لمنع استخدام الاختراع من قبل أي شخص له مصلحة حيث سيظل متاحا للجميع ( ).
الفرع الثاني: الخطط والمناهج والمبادئ
لقد تبين المشرع الجزائري ( ) في هذا المجال موقف المشرع الفرنسي حيث اخذ بعين الاعتبار تطور التكنولوجيات والوسائل الحديثة، ولهذا استبعد من مجال البراءة الخطط والمبادئ والمناهج الرامية الى القيام بأعمال ذات طابع ثقافي او ترفيهي، كما استبعد المناهج والمنظومات الخاصة بالتعليم والتنظيم والإدارة والتسيير .
أولا: الخطط والمبادئ
يتضمن المرسوم التشريعي رقم 93- 17 السالف الذكر استبعاد بصفة عامة " الخطط والمبادئ " ومما لاشك فيه أن هذا التعبير واسع يشمل عدد كبيرا من المنشأة التي تصبح غير قابلة للبراءة ، ونذكر أساسا " الأفكار " حيث لا يمكن تملكها ولقد سيق القول ان الاختراعات العلمية أي- الأفكار والآراء العلمية، التي لا تعتبر اختراعات بالرغم من كونها نشاطا ذهنيا.
وتجدر الملاحظة ان الافكار مستبعدة كذلك كقاعدة عامة من ميدان الحقوق الأدبية والفنية( ).
ثانيا: المناهج والنظم
استبعد المشرع الجزائري على غرار نظيره الفرنسي من مجال البراءة المناهج الرامية الى القيام بأعمال ذات طابع ثقافي او ترفيهي وكذلك المناهج والنظم المتعلقة بالتعليم او التنظيم او الإدارة او التسيير، غير انه يجب تمييز المنهج عن الطريقة التي تخول لصاحبها الحق في طلب الحصول على البراءة فاذا كان الأول مستبعدا من مجال البراءة بسبب تجريده، فالامر يختلف بالنسبة للطريقة التي ستتم بطابعها الصناعي .
وهكذا اعتبر ان المنهج يؤدي الى نتيجة ذهنية مجردة على خلاف الطريقة التي تؤدي الى نتيجة صناعية( ).
غير انه يجب التساؤل عن موقف المشرع الجزائري فيما يخص برامج العقل الالكتروني أي اللوجيسيال، وبالرغم من ان أحكام المرسوم التشريعي رقم 93-17 السالف الذكر مستمد تقريبا حرفيا من التشريع الفرنسي ، يلاحظ انها لا تتضمن ادراج برامج الحاسوب ضمن قائمة المنشآت المستبعدة من مجال البراءة ، ولهذا يبقى الغموض سيد الموقف على كل ، لا يمكن حماية هذه البرامج الا إذا كانت جديدة وناتجة عن نشاط اختراعي وقابلة للتطبيق الصناعي ( ).
وهذا من الصعب تحقيقه ، لذا يتوجب على مشرعنا التدخل في هذا المجال بنص صريح لاعتبارها قابلة للبراءة او بالعكس لاستبعادها من الحماية القانونية وهكذا يجب سد الفراغ الموجود في التشريع المتعلق بالاختراعات.
لكن لا يجب نسيان ان المشرع الجزائري تطرق الى هذا الموضوع في الإصلاح الأخير المتعلق بحقوق المؤلف حيث نص، على مثال نظيره الفرنسي على إخضاع برامج الحاسوب لهذا النظام .
بينما ينص المشرع الفرنسي بوضوح على عدم اعتبار برامج الحاسية الالية من قبيل الاختراعات، غير ان هنالك تحفظ حيث يجوز طلب الحصول على براءة ولو كان الاختراع المطلوب حمايته يتضمن ضمن عناصره برنامج متعلق بالحاسية الالية، لان النص القانوني لا يستبعد الحماية القانونية الا اذا اتخذت المنشأت المحددة في النص القانوني بمفردها وليس كعنصر من عناصر منتوج ما ( ).
كما اعتبر انه يجب قبول حماية الأجهزة المادية المستعملة للحصول على برنامج ما، ويجب ان نشير الى ان القانون الفرنسي رقم 85 -660 المؤرخ في 03 جويلية 1985 المتعلق بحقوق المؤلف بنص صراحة على حماية برامج العقل الالكتروني نظرا للعمل الذهني الذي تطلب انجازه .
لذا حدد لها بابا خاص بين نظام حماية هذه المنشآت التي يجب أن تتميز بالطابع الفكري ( ).
المطلب الثالث:المواد الغذائية والصيدلانية، التزينية والكيماوية، النباتات والحيوانات
الفرع الأول:المواد الغذائية والصيدلانية والتزيينية والكيماوية
إذا كان الأصل انه لا يمكن الحصول على براءة اختراع فيما يخص المواد الغذائية والصيدلانية والتزيينية والكيماوية، إلا أن هذا المنع لا ينطبق على الطرق المستعملة للحصول على هذه المواد .
أولا : المبدأ العام
لم ينص المشرع الجزائري سابقا على استبعاد المواد السالفة الذكر من مجال البراءة ويبدو انه أراد من خلال الحظر المنصوص عليه في الأحكام الراهنة عدم وضع احتكار في الاستغلال هذه المنتجات.
فلا يسمح إنجاز هذه المواد المطالبة بحق مطلق في استثمارها وهكذا يلاحظ على سبيل المثال المواد الصيدلانية، أي الأدوية تعتبر غير قابلة للبراءة، بينما يختلف الأمر في التشريع الفرنسي، حيث تتمتع الأدوية بحماية قانونية لأنه يجوز أن يكون موضوعا للبراءة ، لكن يجب أن نشير إلى أن التشريع الفرنسي عرف في هذا المجال تطورا ملحوظا ، فكان القانون الفرنسي المؤرخ في 05 جويلية 1844 يرفض في مادته الثالثة أن تكون المكونات الصيدلانية والأدوية ، مهما كان نوعها قابلة للبراءة ، وكان هذا الحظر يعد أساسه في ضرورة حماية المصلحة العامة ومنع إنشاء احتكارات لاستغلال الأدوية غير أن إنتاج المنتجات الصيدلانية اتخذ طابعا صناعيا ، الأمر الذي استلزم تدخل المشرع لتليين موقفه( ).
وهكذا يبين القانون الفرنسي المؤرخ في 27 يناير 1944 أن المنح القانوني يطبق على المكونات الصيدلانية وليس على الطرق المستعملة لتحضيرها ، لكم كان لهذا النص عيوب إذ كانت البراءة الخاصة بطريقة تحضير الأدوية ، تؤدي إلى احتكار غير مباشر لهذه الأدوية ، فلا شك أن المرحلة الحاسمة جاءت بعد إصدار الأمر رقم 59- 250 المؤرخ في 04 فبراير 1959 ، المتعلق بإصلاح شروط منح الترخيص المسبق لاستغلال الأدوية والمرسوم رقم 60 -507 المؤرخ في 30 مايو 1960 المتعلق " بالبراءة الخاصة بالدواء " ( LE BREVET Spécial de médicament ) )) ولا يمكن أن تتمتع بالحماية إلا الأدوية التي تتميز بطابعها الجديد .
ويكمن التذكير في هذا الإطار بضرورة احترام مفهوم " الأدوية " الوارد في قانون الصحة العامة ، وفيما يخص القانون رقم 68-1 المؤرخ في 02 يناير 1968 ، فهو يعتبر ذو أهمية بالغة حيث اخضع الأدوية للنظام العام للاختراعات ، مع النص على بعض الاحكام الخاصة لحماية مصالح الصحة العامة .
كما احتفظ المشرع الفرنسي بنفس المبدأ حيث تدوين - عام 1992 - النصوص القانونية الخاصة بالملكية الفكرية، وهكذا رفض اعتبار طرق علاج الإنسان والحيوان بالجراحة أو الأدوية ومناهج التشخيص اختراعات لعدم توافر فيها شرط التطبيق الصناعي لكنه جاء على خلاف المشرع الجزائري، باستثناء حيث يعتبر هذه الاحكام غير قابلة للتطبيق على المواد، وخاصة المقومات أو المركبات المستعملة للقيام بهذه الطرق( ) .
ثانيا: الاستثناء الوارد على القاعدة العامة
إذا كانت المواد الصيدلانية والغذائية والتزينية والكيماوية مستبعدة من مجال البراءة، فالأمر يختلف بالنسبة للطرق المستعملة للحصول عليها إذا تعتبر قابلة للبراءة( ) .
ومن تم يتبين أن المشرع ميز هذه المواد حق الطرق المستعملة لتحقيقها، وهكذا إذا كانت المواد الصيدلانية على سبيل المثال قابلة للبراءة في فرنسا فهي في الجزائر مستبعدة من الحماية القانونية غير انه يجوز لمن يستعمل طريقة تتوافر فيها الشروط القانونية ان يقدم طلب لحمايتها وعلى ذلك يلاحظ أن مشرعنا تبنى المبدأ الذي كان معمولا به في التشريع الفرنسي القديم تحت ظل القانون المؤرخ في 27 يناير 1944 المتضمن تعديل المادة 3 من القانون المؤرخ في 5 يوليو 1844، حيث كان ينص على قاعدة عدم قابلية المنتجات الصيدلانية للبراءة لا تسري على الطرق المستعملة لتخضيرها.
ولهذا نستطيع القول أن العبرة من استبعاد المواد الصيدلانية من ميدان تطبيق المرسوم التشريعي رقم 93 السالف الذكر حماية الميادين المعتبرة ذات مصلحة عامة، والمقصود هنا منح إمكانية إنشاء احتكارات في إنتاج الأدوية، ويترتب على ذلك انه يجوز لأي باحث استعمال هذه الأدوية في بحوثه العلمية، غير انه يحظر عليه استعمال الطريقة التي أدت إلى تحضيرها ومن ثمة يمكن أن يصل إلى صنع لنفس المنتجات الصيدلانية لكن على أساس طريقة مختلفة، فتصبح هذه الطريقة قابلة للبراءة، إذا توافرت فيها الشروط القانونية كما تسري هذه القاعدة على طرق تحضير المواد الغذائية والكيماوية والتزينية( ).
الفرع الثاني:النباتات والحيوانات
تجيز المادة 27/3 (ب) من اتفاق التربس لأي دولة عضو أن تستثني النباتات والحيوانات من منح البراءة.
إن التأثيرات الأخلاقية، الاقتصادية والقانونية للسماح بمنح براءة الاختراع للنباتات والحيوانات أو أجزائها حتى لو كانت معدلة جينيا، أدت بكثير من الدول أن تمنح استثناءات واسعة المدى( ) .
أولا : وضعية الأنواع النباتية
لا يمكن الحصول شرعا على براءات الاختراع بخصوص الأصناف النباتية، أي الأنواع النباتية(LES VARIETES VEGETALES ) وهكذا يلاحظ أن المشرع الجزائري اتخذ موقفا حذرا وصارما إزاء العمليات الرامية إلى تصنيف النباتات ، وإذا كان لهذا الموقف مبرر في حالة التصنيفات الناجمة عن ملاحظة الطبيعة فأنه يصبح قابلا للنقد بالنسبة للعمليات التي تؤدي إلى إنشاء أنواع جديدة من النباتات بفضل تدخل الإنسان ، إن تطور البحث العلمي في مجالات شتى ولاسيما في المجال الزراعي ونتائجه المباشرة على مختلف أنواع الصناعة، كالصناعة الغذائية- استلزم تدخل القضاء الفرنسي لمعالجة النظام القانوني لبعض المنشآت( ).
فالقانون البرازيلي 1996 على سبيل المثال يستثني كل الكائنات الحية فيما عدا الكائنات الدقيقة المختلفة جينيا(RTTICLE 18 -111OF THE PORTEN LOUS 1996 TRANSGENIC MICRO ORGANIMS ) وفي معظم الدول التي تنتهج النهج الأوروبي تم استبعاد السلالات النباتية والفصائل الحيوانية فقط من الحصول على البراءة.
تلتزم كل الدول أعضاء منظمة التجارة العالمية أن تمنح براءات الاختراع على الكائنات الدقيقة (م 27/3)ويمكن أن يفسر هذا الالتزام على انه قابل للتطبيق على الكائنات الدقيقة فقط المعدلة جينيا وتلك التي لم تكن كائنة في الطبيعة من قبل( ).
هذا ما أدى إلى ضرورة حماية هذه المنشآت قانونيا ولتحقيق هذا الغرض تم في 02 ديسمبر 1961 في مدينة باريس إبرام اتفاقية دولية لحماية الأنواع النباتية الجديدة، وتم تعديلها في جنيف في 10 نوفمبر 1972 و23 أكتوبر 1978 وأعمالا بأحكام هذه الاتفاقية يجب أن تتوفر في النوع النباتي الشروط التالية:
" الجدة " ( LA NOUVEAUTE ) تجانس النباتات (HOMOGENEITE DE LA PLANTE ) والاستقرار أي التثبيت( ).
ولقد تدخلت هذه الاتفاقية حيز التنفيذ على التراب الفرنسي في3 أكتوبر1971 بعد الانضمام إليها، أيضا سمحت هذه الاتفاقية بإنشاء اتحاد خاص مقره بجنيف سبيره المنظمة العالمية للملكية الصناعية .
استنادا إلى هذا القانون فأن المشرع الفرنسي وضع أحكاما خاصة بحماية " الحاصلات النباتية " استنادا إلى القانون رقم 70-489 لمؤرخ في 11 يونيو 1970 والمرسوم رقم 71-764 المؤرخ في 09 ديسمبر 1971 المعدل بالمرسوم رقم 83- 10 المؤرخ في في 5 يناير 1983 .
الغي نظرا لتدوين النصوص المتعلقة بالاختراعات ضمن قانون الملكية الفكرية.
ويقصد بالحاصل النباتي، النوع النباتي الجديد الذي اكتشف وهو متميز عن الأنواع المتشابهة له نظرا لميزة مهمة دقيقة قليلة التغيير أو نظرا لتعدد عدة ميزات، يؤدي جمعها إلى انه يمكن اعتباره نباتا جديدا متجانس الصفات، وبالتالي فالأنواع النباتية الحاصلة من نشاط الإنسان وهذه الأخيرة لا تمنح لها الحماية القانونية، وكذلك للأنواع التي اكتشفها، غير ان المشرع قيد في الصفات الواجب توافرها لحماية هذا النوع النباتي، أن الالتزام القانوني المتعلق بعنصر الجدة برهان على أن المشرع الفرنسي يريد حصر مجال تطبيق الحماية القانونية، وبالتالي الحاصل النباتي عرف قبلا لا يعتبر جديدا، سواء في نفس البلد – فرنسا- أو خارج هذا البلد قبل تاريخ إيداع الطلب إعلانا كافيا لاستغلاله .
لكن استعماله في إطار تجارب او تسجيله في فهرس او سجل رسمي لأحد الدول الأعضاء في اتفاقية باريس لحماية الحاصلات النباتية لا يعد إنشاء ولا يؤثر على عنصر الجدة ، ولهذا استلزم تدخل القضاء لتحديد مفهوم الإنشاء ( LA DINULGATION ) وإذا كان عنصر الجدة عنصرا مشتركا لكافة حقوق الملكية الصناعية فان عنصري التجانس والاستقرار يميزان قبل كل شيء الحاصل النباتي( ) .
وللاستفادة من الحماية القانونية يتوجب على الشخص المعني بالأمر التحصل على شهادة تسمى : شهادة الحاصل النباتي " وهذه الأخيرة تسمح بحماية الحاصل النباتي مدة عشرين سنة ابتداء من تاريخ عملية التسليم وتحدد هذه المدة بخمسة وعشرين سنة ، إذا كان تكوين العناصر اللازمة لإنتاج النوع النباتي يطلب مهلة طويلة .
وهذه الأخيرة لا تسلم إلا بعد فحص إداري مسبق ، وعلى المودع تقديم ملف يتضمن على غرار الملف الخاص ببراءة الاختراع ، و أيضا وصفا دقيقا للحاصل النباتي المطلوب حمايته ، ويلتزم بحفظ مجموعة من هذه الحاصلات النباتية طيلة مدة الشهادة ، و إلا سقطت حقوقه كما يفرض عليه تقديم مجموعة منها للإدارة ، لتتمنكن من مراقبة الشروط الجوهرية التي يجب ان تتوفر في الحاصلات إضافة البراءة ، يجب إعطاء للحاصل النباتي تسمية ، هذه الأخيرة تسمح بتمييز النوع النباتي الجديد عن غيره من النباتات المشابهة له والمعروضة في الأسواق ، والهدف من ذلك حماية المشتري ضد عملية الغش .
ويتمتع الحاصل النباتي بحق حصري في إنتاجه وبيعه أو عرضه للبيع كليا أو جزئيا ، ويمكن أن يمنح ترخيصا جبريا لاستغلاله إذا كان الحاصل النباتي ضروريا للحياة الإنسانية أو الحيوانية أو ضروريا للصحة العامة أو للدفاع الوطني ، وهذه الرخص يمكن اعتبارها غير قابلة للتنازل أو الانتقال ، وحقوق صاحب الحاصل النباتي محمية قانونا يحق له رفع دعوى التقليد في حالة الاعتداء على حقوقه الشرعية .
وطرحت عدة مشاكل شأن تسمية " الحاصل النباتي " مسألة جمع التسمية والعلامة المسجلة، فهل يجوز للمعني بالأمر استعمال علامة مسجلة زيادة على التسمية ؟
واختلف الفقه في هذا المجال متمسكا بضرورة حماية الجمهور، واعتبر المشرع الفرنسي انه يجوز أن يحمل الحاصل النباتي زيادة على التسمية علامة مصنع أو علامة تجارية( ) .
و يمكن الإشارة أن المنشآت النباتية، المحمية نتيجة الحصول على شهادة الحاصل النباتي تعتبر غير قابلة للبراءة.
ثانيا: وضعية الأجناس الحيوانية
في التشريعيين الجزائري والفرنسي لا يمكن الحصول على براءات الاختراع بخصوص الأجناس الحيوانية، وهي مستبعدة بصورة قطعية من مجال البراءة، ولا يمكن منطقيا القدرة اللازمة لخلق أجناس حيوانية جديدة، غير أن عبقرية الإنسان تظهر كأنها دون حدود، حيث وصل هذا الأخير إلى إنشاء طرق بيولوجية للحصول على حيوانات حيث وصل هذا الأخير إلى إنشاء طرق بيولوجية للحصول على حيوانات ونباتات( ).
المبحث الثالث: قابلية الاختراع للبراءة وكيفية الحصول عليها
المطلب الأول: معايير منح البراءة للاختراع وجزاء مخالفتها
الفرع الأول: معايير منح البراءة للاختراع
يمكن أن تكون الاختراعات الجديدة الناتجة عن نشاط اختراعي والقابلة للتطبيق الصناعي موضوعا للبراءة إلا انه لا يمكن أن تكون ممنوعة أو مخالفة للنظام العام والآداب العامة وهو ما اخذ به المشرع الفرنسي.
أولا : الشروط الموضوعية
1-أن يوجد اختراع: يشترط لمنح البراءة أن ينطوي الاختراع على ابتكار أو إيداع يضيف قدرا جديدا إلى ما هو معروف من قبل.
وبالتالي لا تكون قابلة للبراءة إلا المنشآت التي تتصف بميزات الاختراع ويجب استبعاد المنشآت التي لا تنطبق عليها هذه الصفة، وبالتالي فالابتكار أساس حماية المخترع، فحق المخترع إنما هو ثمرة من ثمار الإنسان وابتكاراته، فلا بد أن يأتي بشيء جديد حتى يكون موضوعا للبراءة، وبالتالي يجب أن ينشىء شيء لم يكن موجود من قبل أو طريقة صناعية جديدة، أو تطبيقات جديدة لطرق صناعية معروفة( ).
وعلى ذلك يجب التأكد من طبيعة المنجزات المطلوب حمايتها قبل البحث عن توافر الشروط القانونية فيها، م 03 من المرسوم التشريعي رقم 93/17...الاختراعات الجديدة..." أي وجوب وجود الاختراع "، والاختراع قد يكون متعلقا بنتائج صناعي جديد متميز عن غيره من الأشياء: كابتكار نوع جديد من السيارات أو الطائرات.الخ. .
أن الإدارة لا تبرم عقدا مع المخترع ، فالقانون يلزمها منح البراءة متى توافرت الإجراءات والشروط المطلوبة قانونا ، وانه متى تخلف احد هذه الشروط للإدارة أن ترفض منح البراءة ، وليس ذلك على أساس فحص سابق لجدة الابتكار أو صلاحيته للاستغلال الصناعي ، لان ذلك من مسؤولية الطالب للبراءة .
ومما نستخلص له أن براءة الاختراع لا تمثل سند رسمي يعطى بناء ذاته ووصفا كاملا عن الاختراع، وحق صاحبه في احتكار الحصول وفقا لنصوص القانون.
فالبراءة والحالة هي عمل قانوني من جانب واحد يتمثل في صورة قرار إداري يمنح البراءة ويصدر من الوزير المختص، وقد ترد عن طريق صناعة جديدة، أي البراءة تأتي على الوسيلة ذاتها دون الناتج.
إذا باستطاعته أي شخص أن يحصل إلى نفس النتيجة بوسائل أخرى وفي أحيان أخرى قد لا ترد البراءة علة موضوع جديد أو على طريقة صناعية جديدة بل يكون موضوعها تطبيق جديد لطرق ووسائل صناعية معروفة ، وقد يتعلق الاختراع بتركيب جديد تشترك في تكوينه وسائل صناعية معروفة ينتج عنها ابتكار له ذاتية مستقلة عن كل عنصر داخل في تركيبه .
هذه الاختراعات السالفة الذكر تحتوى على قدر كبير من الابتكار يختلف مداها من ابتكار إلى آخر وهي جميعها تستحق الحماية القانونية.
وهذه الابتكارات بأنواعها لا يكاد يمر يوم دون ذكر جديدها في جميع مجلات الحياة ، بفضل التطور العلمي والتكنولوجي .
لم تتعرض معظم التشريعات إلى مفهوم الابتكار أو تحديد معايير التمييز لما يعد ابتكار أم لا ، إلا إن المشرع الجزائري من خلال المادة 05 من الأمر 93-17 اخذ في مجال تحديد معنى الابتكار لما قدمه معهد القانون المقارن بميلانو .
إن معظم التشريعات تفادت تعريف ماهية الابتكار وتحديد معاييره والتي تميزه عن غيره، في حين نص المشرع الجزائري في المادة 5 من الأمر 93/17 " يعتبر الاختراع ناتجا عن نشاط اختراع إذا لم يكن ناجما بداهة من الحالة التقنية...ط وهو اخذ بما قدمه معهد القانون والمقارن بميلانو في تحديد معنى الابتكار .
وتعتبر أهمية تعريف الابتكار مسألة أساسية بالنسبة للإدارة التي تمنح سند البراءة، وبالنسبة للقضاء عند نظره دعوى بطلان البراءة بعدم توفر شرط الابتكار .
ثانيا: أن يكون الاختراع جديدا:
إن وجوب توافر عنصر الجدة في الاختراع شرط منصوص عليه في كافة التشريعات التي تقبل حماية هذه المنجزات الفكرية بواسطة براءة.
وعلى ذلك يجب أن يكون الاختراع المطلوب حمايته جديدا .
ويقصد بالاختراع جديدا انه لم يسبق نشره أو استعماله ، أو منح براءة عن ذلك الاختراع ، والبراءة تمنح صاحبها احتكار أو استغلال الفكرة المبتكرة ، مقابل الكشف عنها للمجتمع ، وإذا كانت معروفة من قبل ، ينتهي مبرر إصدار البراءة ، فالاحتكار الاستغلال هو الذي يعطي للمجتمع كمقابل الأسرار الصناعية التي قدمها للمجتمع .
اخذ المشرع الجزائري بمبدأ الجدة المطلقة ، نص في المادة 4 فقرة أولى من الأمر رقم 93 -17 على انه " يعتبر الاختراع جديدا إذا لم تتضمنه حالة التقنية التي تتكون من كل وصل إلى العموم أما يوصف كتابي أو شفوي وأما بالاستعمال أو بكل وسيلة أخرى وذلك قبل يوم إيداع طلب الإجازة أو تاريخ الأسبقية المطالب شرعا بموجبه الاختراع ....
والجدة المطلقة يقصد بها أن الاختراع قد أذيع السر عنه في أي زمن من الأزمنة أو في أي مكان وقد اتجهت اغلب التشريعات إلى الأخذ بمبدأ الجدة المطلقة ، القانون الفرنسي ، والتشريع الأمريكي و الألماني والسوري و اللبناني والبرازيلي ...
هنالك العديد من الدول التي ترى وجود حاجة ماسة لزيادة حماية حقوق الملكية الفكرية: المنتجات العلمية، المعلومات التي لا يمكن منحها حق المؤلف، براءة الاختراع وكل ما يمثل موضوعا لحقوق الملكية الفكرية، فالتقدم العلمي والتكنولوجي يعتمد على الموارد التي يتم توظيفها فيشتى مجالات الحياة والتي يتسم محتواها بالارتباط الوثيق بالواقع وقوانين الحياة والطبيعة وهنالك من الدول من يرى بان تحديد المعلومات التي يحتاجها السوق وطرحها بوضوح وصيغة ملائمة يتطلب مستوى رفيع من البراعة في الإبداع ،ومن ثمة هنالك حاجة إلى زيادة الحماية وتعزيزها لتوفير الحوافز الكافية للابتكار، ولوحظ بان طبيعة الابتكار في الصناعات الرئيسية مثل: الالكترونيات لم يتم معالجتها بالقواعد الحالية وهذا قد يؤدي إلى خلق أزمة في نموذج الحالي لحماية حقوق الملكية الفكرية.
ومن جانب أخر تتم عملية عولمة الحد الأدنى من معايير الحماية ، ففي الماضي كان أي بلد يستطيع وقف مبدأ المعاملة الوطنية أن يصوغ نظام الملكية الفكرية بما يتفق مع حاجاته ومصالحه طويلة المدى، شريطة أن يمنح الأجانب نفس المعاملة التي يمنحها للمواطنين .
وتعني هذه العملية على نحو خاص أن الدول النامية ملزمة أن تطبق معايير الحماية بما يتفق مع تلك التي تطبق في الدول الصناعية.
وعلى الرغم من أن نظام الملكية الفكرية الدولي الجديد يمكن أن يكون جيدا حسب نظام "باريتو" فمن المحتمل أن يفرض برتيبات تلائم الظروف والأوضاع القانونية لإحدى البلدان دون مجتمعات قد تكون مختلفة تماما في هذه الجوانب ، ولقد وضع التطور والانتشار السريع في تكنولوجيا المعلومات تحديات جسيمة أمام الجوانب المختلفة من القانون العام والخاص إذ يستدعي ميلاد منتجات جديدة وكذلك فروع كاملة جديدة من الصناعة مثل : أشياء المواصلات الحاسبات برامج الحاسب ..الخ .
ونظرا للتأثير الكبير لحقوق الملكية الفكرية على الدول النامية فقد تم تناول العلاقة بين اقتصاد هذه الأخيرة وحقوق الملكية الفكرية في جوانب مختلفة فأثناء السبعينيات كان تأثير براءات الاختراع بصفة خاصة على الدول موضع اهتمام الدراسية وأخذت العديد من المبادرات لتطوير قواعد دولية جديدة تأخذ في الحسبان مصالح تلك الدول إلا أن نجاحها كان محدودا وهذا في مبادرات إعادة النظر في اتفاق باريس وبعد اتفاق تربس الذي يعتبر أهم الاتفاقيات تأثيرا في حقوق الملكية الفكرية شرعت عدة دول نامية في عملية لإصلاح تشريعاتها فيما يتعلق بحقوق الملكية الفكرية حتى قبل تطبيق الاتفاق.
وباعتبار إن براءة الاختراع أخذت القسط الأوفر من اتفاق التربس ولاقت منها عناية كافية حيث احتوت النصوص المهمة التي تتعلق بالاختراع وحصوله على البراءة وحمايتها .
فما هي الآليات التي اعتمدها المشرع من اجل توفير الحماية للمخترع في حماية اختراعه؟
وما هي الإجراءات الواجب إتباعها للدفاع عن المركز القانوني للمخترع؟ لان حق الاختراع يكتسي أهمية قصوى في الحياة الاقتصادية وعليه سنحاول الإجابة على هذا الإشكال بأدوات منهجية تعتمد على التحليل والتركيب وذلك وفق الخطة التالية:
الفصل الأول: ماهية براءات الاختراع.
الفصل الثاني: الجرائم الواقعة على براءة الاختراع وحمايتها جزائيا.
وننهى البحث بعد ذلك بخاتمة نضم فيها أهم ما خلصنا إليه من نتائج.
المبحث الأول: الإطار القانوني لبراءة الاختراع
المطلب الأول: تعريف البراءة وطبيعتها
الفرع الأول: تعريف البراءة
براءة الاختراع هي الشهادة التي تمنحها الدولة للمخترع تثبت له حق احتكار استغلال اختراعه ماليا لمدة محدودة وبأوضاع معينة، ويكون موضوعها إما ابتكارا على موضوع المنتجات الصناعية الجديدة أو استعمال طرق صناعية جديدة والتي يترتب عليها حق احتكار صاحبها لاستغلاله.
وقد ترد الابتكارات على شكل المنتجات وهي الرسوم والنماذج الصناعية، تمثل براءة الاختراع المقابل الذي تقدمه الدولة للمخترع نتيجة جهوده، فيعترف له القانون لحق خاص على الابتكار والإفادة منه ماليا سواء بنفسه أو بطريق التنازل عنه للغير، وهو حق مطلق له دون غيره في مواجهة الجماعة، ومن مصلحة المجتمع أيضا تقرير هذا الحق للمخترع لما في ذلك من حافز على إذاعة الاختراع ولتشجيع على الابتكار وزيادة التقدم الصناعي.
إن الابتكار بدون شهادة البراءة ليعطي لصاحبها الحق اتجاه الجميع ويجوز للأشخاص استغلال هذا الابتكار ماليا "إذا كان غير مسجل" كما أن المخترع إذا ذاع ابتكاره قبل الحصول على شهادة البراءة، فمعنى ذلك انه لا يرغب في الاحتفاظ بحق خاص على ابتكاره.
ويستوي الأمر في حالة ما إذا توفي المخترع قبل تسجيله اختراعه وحصول على شهادة" البراءة "، فان ورثته لانتقل إليهم حق الملكية الصناعية بل مجرد " سر صناعي " وبمكانهم المطالبة على الحصول على براءة الاختراع أمام الجهات المختصة ( ).
الفرع الثاني: البراءة عقد أو قرار إداري
إن الشخص الذي ينجز اختراعه ما يهمه قبل كل شيء حمايته قانونا حتى يتمكن من استغلاله شخص أو يمنحه ترخيص لهذا الغرض، وعلى ذلك تظهر الوثيقة الممنوحة للمخترع كالجهاز القانوني الأساسي لتشجيع البحث العلمي والتطور الصناعي نظرا للاحتكار المعترف به لصالح المخترع في استغلال إنجازه.
ولقد اعتبر إن السند الممنوح للمخترع يجد مصدره في اتفاق إرادتين، إرادة المخترع الذي يكشف اختراعه للجمهور وإرادة المجتمع الذي يضمن للمخترع احتكارا مؤقتا لاستغلاله بيد أن هذا التعريف غير كافي في حد ذاته إذ لا يتبين بصورة دقيقة طبيعة هذا السند فبراءة الاختراع هي الوثيقة التي تمنحها الإدارة للشخص الذي أنجز اختراعا شريطة أن يكون قد استوفى كافة الشروط القانونية الضرورية لصحة الاختراع ويترتب على ذلك أن براءة الاختراع هي قرارا إداريا صادرا الهيئة المختصة قانونا ، وبالرغم من إن جانب من الفقه يرى بان البراءة هي عقد بين المخترع والإدارة، فيبقى هذا الرأي قابل للنقد ، فالقول أن المخترع يوافق على كشف اختراعه إلى الجمهور بواسطة الإدارة " مقابل حقه في احتكار استغلاله والإفادة منه خلال مدة معينة " ، لا يكفي الاعتبار انه تم ابرأهم عقد بين المخترع والإدارة.
وحتى إذا استند أنصار هذا الموقف إلى دور الإدارة قائلا أنها لا تفحص الاختراع من الناحية الموضوعية، أي لا تبحث عن وجود الشروط الموضوعية في الاختراع، فهذا يبين بالعكس انه ليس للإدارة حرية في إبرام العقد ( ).
فإنها ملزمة باحترام النصوص القانونية التي تحدد مجال تدخلها، ويمكن الاستدلال على ذلك من صدر المادة 21 الفقرة الأولى من المرسوم التشريعي رقم 93-17 المؤرخ في 07ديسمبر 1993 الذي يقضي بان الإدارة تسلم السند إلى المخترع الذي قدم طلبه" بحسب القانون" دون فحص سابق ودون ضمان لحقيقة الاختراع أو جدته أو جدارته أو صدق لوصف ودقته.
فالإدارة ملزمة بمراقبة الطلب من الناحية الشكلية حيث يجب أن يتضمن عدة وثائق، ولهذا يحق لها إذا كان الطلب غير صحيح، إعادة الملف للطالب أو وكيله مع دعوته لتصحيحه خلال مدة شهرين قابلة للتمديد عند الضرورة، كما يحق للإدارة رفض الإيداع إذا كان الإنجاز مستبعدا من مجال تطبيق النص القانوني، ومن تم يتبين تدخل السلطة الإدارية أن الإيداع لا ينشىء حقا لصالح المودع، كما يظهر أن الإدارة والمخترع على حد سواء مقيدان بفحوى الأحكام القانونية، مما يستوجب على المخترع استيفاء كافة الشروط القانونية ويجب على الإدارة قبول الطلب ومنح البراءة متى توافرت هذه الشروط .
وعلى العموم تعتبر المبادئ العامة الخاصة بالعقود غير قابلة للتطبيق على براءة الاختراع إذ تخالف وضعها القانوني للقواعد الأساسية المتعلقة بإبرام العقود الخاصة القبول والإيجاب( ).
المطلب الثاني: تسليم البراءة وآثارها
الفرع الأول: تسليم البراءة للمخترع
يتمتع المخترع- بفضل السند المسلم له- بعدة حقوق ولاسيما باحتكار مؤقت لاستغلال اختراعه، وبهذا يجب أن يتضمن طلبه وصفا كاملا للاختراع المطلوب حمايته قانونا، فيجب إذا أن يحتوي الطلب زيادة على الوثائق الإجبارية على وصف الاختراع وعلى الرسوم قد تكون لازمة لفهم الوصف، وعلى ذلك تعتبر براءة الاختراع، الوثيقة التي تسلمها للإدارة المختصة والتي تتضمن كشف لأوصاف الاختراع ليتمكن المخترع من التمتع بانجازه بصورة شرعية، فهو محمي ضد كل التجاوزات مما أدى إلى القول أن" القانون لا يحمي المخترعين بل يحمي أصحاب السند " .
ولكن تجدر الملاحظة إلى أن الأمر رقم 66 -54 كان يميز شهادة المخترع عن براءة الاختراع ، فكانت تسمية" البراءة " مستعملة للدلالة على السند المسلم للمخترع الأجنبي، وفيما يخص "شهادة المخترع" فكانت تدل على السند الممنوح للمخترع الجزائري، وهذا بالرغم من أن الشروط الموضوعية في الاختراع لم تكن تختلف في الحالتين .
ولا شك أن هذا التمييز كان يمس بحقوق المخترع الجزائري ويسبب له ضررا، بينما لا تنظر الأحكام الراهنة إلى جنسية المعني بالأمر، فالمواطن الجزائري الحق في الحصول على براءة اختراع شأنه في ذلك شأن المخترع الأجنبي، ولأنها لقيت سيلا من النقد، ألغى المشرع شهادة المخترع التي كانت تجد مصدرها في النظام الاشتراكي المعمول به سابقا( ).
فكانت هذه الشهادة تعتبر عرقلة الإبداع والاختراع حيث تكن تشكل إلا سندا شرفيا تمنحه الدولة للمخترع الجزائري مقابل استغلال انجازه لصالح الجميع.
وفيما يخص شهادة الإضافة، فهي الشهادة الممنوحة للمخترع: مهما كانت جنسيته، في حالة إدخال تغييرات أو تحسينات أو إضافات على اختراعه( ).
الفرع الثاني: أثار براءة الاختراع
يترتب على صدور قرار منح البراءة يصبح المخترع مالكا لها، فله استغلال الاختراع، كما له أن يتصرف في البراءة بما شاء من التصرفات طيلة مدة البراءة في النظام الليبرالي القائم على الملكية الفردية لوسائل الإنتاج يسود نظام براءة الاختراع فيكون من حق المخترع احتكار استغلال اختراعه.
في حين يسود في النظام الاشتراكي القائم على الملكية العامة لوسائل الإنتاج نظام الإفادة ماليا من اختراعه في صورة مكافأة ويكون احتكار الاستغلال للجماعة ممثلة في الدولة والمؤسسات العامة...الخ.
نصت المادة 11 من التشريع تخول براءة الاختراع مالكها الحق فيما يأتي مع مراعاة المادة 14أدناه:
صنع المنتوج موضوع البراءة واستعماله وتسويقه أو حيازته لهذه الأغراض.
استعمال طريقة الصنع موضوع الاختراع الحاصلة على البراءة وتسويقها واستخدام المنتوج الناجم مباشرة عن تطبيقها وتسويقها وحيازته لهذه الأغراض.
منع أي أشخاص من استغلال الاختراع موضوع البراءة صناعيا دون رخصة من المخترع".
إن براءة الاختراع تنشئ حق الاحتكار مؤقت لصاحب البراءة لاستغلال اختراعه في إقليم الدولة المانحة لها، وتشمل براءة الاختراع حق احتكار الإنتاج والبيع. والتصدير وتطبيق الطريقة الصناعية موضوع هذه البراءة...الخ( ).
أولا : حقوق صاحب البراءة
أ- الحق في احتكار استغلال البراءة
تخول البراءة لمالكها دون غيره الحق في استغلال الاختراع في حدود إقليم الدولة المانحة لها.
فإذا كانت براءة الاختراع لشخص معين بالذات، انفرد هذا الشخص دون غيره باستغلال الاختراع وقد يعهد به إلى غيره مقابل تعويض.
أما إذا كانت البراءة مملوكة لعدة أشخاص، كان الحق في البراءة لهم جميعا شركة و بالتساوي بينهم ما لم يتفقوا على خلاف ذلك.
أما المقصود باستغلال الاختراع فهو الإفادة منه ماليا بالطرق والوسائل التي يختارها صاحب البراءة ويراها صالحة للاستغلال وبجميع الطرق الملائمة ( ).
-01- الحدود القانونية المتعلقة بمحتوى الحق في البراءة
لقد سبق القول إن المشرع الجزائري منح الحق في احتكار استغلال الاختراع الأول من قام بإيداع الطلب، كما اعترف بإمكانية استغلال الاختراع موضوع البراءة من قبل شخص ليس المودع، ويجد هذا الاستثناء أساسه في ضرورة حماية كل من حقق اختراع لكنه لم يقم بإيداعه في الآجال اللازمة، ويقصد هنا كل من قام عن حسن نية، قبل تقديم طلب البراءة أو عند تاريخ المطالبة بالأولوية يصنع المنتوج المحمي بالبراءة موضوع الاختراع المودع أو استخدام الطريقة المغطاة بالبراءة أو قام بتحضيرات معتبرة قصد مباشرة هذا الصنع أو الاستخدام، فيحق له مواصلة نشاطه رغم وجود البراءة: يترتب على ذلك انه يسمح لصاحب البراءة التمسك بحقه في احتكار استغلال الاختراع لمنع المستفيد من مواصلة الاستثمار طالما يتمتع به شخصيا، وبالرغم من أن هذا الاستثناء يبقى خاضعا لشروط معينة فانه يمثل مساسا بحق المخترع في احتكار استغلال اختراعه( ).
-02- المدة القانونية لاحتكار استغلال البراءة:
الحق في الاحتكار المؤقت وليس مؤبدا، يتم تقييد حق الاحتكار لمدة محددة يعود بعدها الاختراع مباحا يستطيع كل فرد أو مؤسسة استغلاله دون قيد أو شرط ولحكمة من هذا التقييد تتمثل في التوفيق بين مصلحة المخترع ومصلحة المجتمع( ).
لقد حدد المشرع في المادة 09 المدة القانونية لاحتكار استغلال البراءة بعشرين سنة تحسب من يوم إيداع الطلب للحصول على شهادة المخترع أو براءة الاختراع( ).
-03- نطاق الحق في البراءة من حيث المكان:
تمنح البراءة لصاحبها حق احتكار استغلال الاختراع في حدود إقليم الدولة التي تم فيها تسليم السند ، لذا يتوجب على مالك البراءة الذي قام بإيداع اختراعه في الجزائر عدم تعدي الحدود الإقليمية ، أي يلتزم بممارسة حقوقه داخل القطر الجزائري ، وإذ راد المخترع حماية اختراعه في دول مختلفة يلتزم مبدئيا بإيداعه في كافة هذه الدول ، لهذا تلعب اتفاقية اتحاد باريس، - التي انضمت إليها الجزائر، دورا جوهريا في هذا المجال حيث تسمح بحماية اختراعات رعايا الدول الأطراف فيها شريطة أن يكون المخترع قد قام بإيداع لا اختراعه ، ولمبدأ إقليمية البراءة (TERRI TORIALITE DU BREVET PRINCIPE DE LA ) وجهين فهو يظهر كالتزام أمر يفوض على المخترع عدم تعدي الحدود الإقليمية، لكنه في نفس الوقت حقا ممنوحا لصاحب البراءة في استغلال اختراعه داخل حدود الدولة التي منحت البراءة، الأمر الذي ينبغي حمايته، وتتحقق هذه الحماية بمقتضى دعوى التقليد التي تسمح لمتابعة كل من انتهك حقوق ومالك البراءة ( ).
-04- الاستثناء على حق احتكارا استغلال الاختراع
سبقت الإشارة بأنه يترتب على تقديم طلب البراءة انفراد صاحبها في استغلالها والإفادة منها مدة معينة ، إلا أن المشرع الجزائري أورد استثناء من شأن التضييق من نطاق احتكار صاحب البراءة لاستغلال اختراعه فتنص المادة 14 " إذا قام احد عن حسن نية، عند تاريخ إيداع طلب براءة الاختراع أو تاريخ الأولوية المطالب به قانونا ما يأتي: ( )
صنع المنتوج أو استخدام طريقة الصنع موضوع الاختراع المحمس بالبراءة.
أو قام بتحضيرات معتبرة قصد مباشرة هذا الصنع أو الاستخدام فانه يحق له الاستمرار في عمله على الرغم موجود براءة الاختراع المذكورة .
يستفاد من أحكام هذه المادة انه من حق المخترع في احتكار استغلال الاختراع وهذا إذا أجاز المشرع له سبق له أن استغل نفس هذا الاختراع -دون تقديم طلب من الغير إلى الجهة الإدارية المختصة للحصول على براءة اختراع أو بعد حصوله فعلا على البراءة ، إما أساس أحقية مستغل الاختراع الأول في استغلال اختراعه هو الحيازة الشخصية للاختراع السابقة على منع البراءة، دون أن يكون هذا الاستغلال تعرض لصاحب البراءة أو تقليدا للاختراع بل هو مبدأ من مبادئ العدالة ( ).
ب/ حق التصرف في البراءة:
1- التنازل عن البراءة:
يجوز التنازل عن براءة الاختراع إلى الغير كليا أو جزئيا بعد صدورها صحيحة من الإدارة وقد يكون هذا التنازل يعوض أو يعتبر عوض.
إذ تم التنازل عن براءة الاختراع يعتبر عوض كان بصدد عقد هبة يخضع في انعقاده، وشروطه وإجراءاته إلى أحكام القانون المني الخاص بعقد هبة، إما إذا تم التنازل إلى الغير بعوض فإننا نكون بصدد عقد بيع.
إذا تم التنازل عن براءة الاختراع كلية، تنتقل في هذه الحالة إلى المتنازل إليه جميع الحقوق المترتبة على ملكية البراءة كما يشمل التنازل جميع البراءات الإضافية التي تم الحصول عليها تاريخ التنازل، وقد يتم التنازل عن جزء من براءة الاختراع كالتنازل على حق الانتاج مثلا او حق البيع فقط، أو التنازل عن الحق في الاستغلال لمدة معينة تعود بعدها براءة الاختراع الى المتنازل وفي جميع الحالات لاتنتقل الى المتنازل اليه الا الحقوق التي تتفق او الجزء المتنازل عنه مع احتفاظ المتنازل ببقية الحقوق الأخرى( ).
ومن صور التنازل عن براءة الاختراع تقديمها كحصة عينية في رأس الشركة فتقدم اما على سبيل التملك فترى عليها أحكام عقد البيع، فتصبح جزءا من راس الشركة لاتباع الى صاحبها بعد تصفيتها، ولا يحتفظ المخترع سوى بحقه الأدبي.
اما اذا تم تقديمها كحصة عينية في الشركة على سبيل الانتفاع، فترى في هذه الحالة احكام الترخيص الإجباري، أي تكون للشركة حق استغلال البراءة ويحتفظ المالك بملكيتها واستغلالها أيضا.
كي يكون التنازل لجزئ او الكلي حجة على الغير ، فان الامر يقتضي باجراءات التسجيل وهي التأشير بالتنازل في سجل البراءة ، فبراءة اختراعه التي تكون محل التنازل عن المحل التجاري خاضعة فيما يخص طرق انتقالها إلى القواعد التي يقررها التشريع الساري المفعول .
فالمادة 147 من القانون التجاري تقضي بضرورة بيع براءة الاختراع في السجل الخاص بها كدليل كتابي و إلا كانت باطلة ( ).
2- الرهن الحيازي للبراءة:
يستطيع مالك البراءة الحصول على قروض إذا وضع البراءة كضمان عن طريق رهنها رهنا حيازيا( )، والجدير بالذكر انه يجوز رهن البراءة امى بصورة مستقلة واما أثناء رهن المحل التجاري باعتبارها عنصر من عناصره المعنوية ( )، ويشترط في رهن البراءة الكتابة والا كانت باطلة، كما يجب تسجيل العقد في الدفتر الخاص بالبراءات( ) ويشترط استقاء هذه الإجراءات حتى لو كانت البراءة عنصر من عناصر المحل التجاري المرهون فالإجراءات الرامية إلى نشر رهن المحل التجاري غير كافية في حد ذاتها، لذا تسجيل رهن البراءة في السجل الخاص بالبراءة الذي يمسكه المعهد الوطني الجزائري للملكية الصناعية.
ويفرض قيد رهن البراءة في الدفتر الخاص بالبراءات حتى يكون حجة على الغير ، لهذا إذا تم رهن البراءة أثناء رهن المحل التجاري وتم تسجيل رهن المتجر في السجل التجاري الذي يمسكه المركز الوطني للسجل التجاري - دون تسجيل عملية رهن البراءة في السجل الخاص ببراءات الاختراع الذي يمسكه المعهد الأنف الذكر - فلا يمكن الاحتجاج بعملية رهن البراءة ازاء الغير ( ).
ولابد من الإشارة الى ان السلطة المختصة كانت مؤهلة سابقا لتسليم الى كل طالب نسخة من التسجيلات المدونة في دفتر البراءات وبيان التسجيلات التي لا تزال موجودة على البراءات المغطاة على سبيل الرهن او تسليم شهادة تثبت انه لا يوجد أي تسجيل( )، وفيما يتعلق بشطب التقييدات المتعلقة بالبراءات المسلمة على سبيل الرهن انه كان يفرض إيداع نسخة أصلية مسجلة بصورة شرعية من العقد المتضمن رفع اليد عن الرهن أو نسخة من الحكم الذي اكتسب قوة الشيء المقضية( ).
كما يجب حماية الشخص المستفيد من عملية الرهن، وعلى هذا الأساس يتمتع بكافة الصلاحيات التي يتمتع بها كل من دائن مرتهن لهذا إذا أراد تحقيق رهنه، يتوجب عليه حجز البراءة وبالرغم من ان الدائن المرتهن لا يكتسب حق استغلال الاختراع، فيجب ان يسهم على البراءة حتى لا تنخفض قيمتها، ( )الأمر الذي أدى إلى القوا انه مؤهل لرفع دعوى التقليد ، وفي هذا الصدد تجد الإشارة الى ان التشريع الراهن - مثل التشريع السابق- لم يتضمن أحكاما خاصة بعملية الرهن او المتعلقة بإجراءات الحجز لذا يجب انتظار النص التنظيمي لكن، ليس هنالك مانع للرجوع الى قواعد قانون الاجراءات المدنية.
ومن ثم يفرض على الدائن المرتهن تبليغ عملية الحجز عن طريق عقد غير قضائي موجه الى صاحب البراءة والى الهيئة المختصة والى كافة الأشخاص الذين يملكون حقا على البراءة ويلتزم الدائن الحاجز ( LE CREANCIER SAISISSANT ) بتقديم طلب بتثبيت الحجز (DEMENDE EN VALIDITE DE LA SAISIE ) ولوضع البراءة في البيع، والا وقع الحجز تحت طائلة البطلان أخيرا ينتهي رهن البراءة بصفة عامة بانتهاء مدة البراءة او بتسديد الدين سبب الرهن( ).
3-الترخيص بالاستغلال
ا: الترخيص الاختياري
ينشا الترخيص بالاستغلال بناء على اتفاق يلتزم بمقتضاه صاحب البراءة يمنح إجازة باستغلال الاختراع بالشروط المتفق حولها مقابل مبلغ من المال( ).
والترخيص الاختياري هو عبارة عن عقد رضائي ينشأ بتوافق الطرفين وبرضائها واوجب قيد المشرع أن يكون كتابيا مسجلا في السجل الخاص ببراءات الاختراع مقابل دفع رسم محدد، وهو من أهم العقود المنتشرة والمستعملة بكثرة في استغلال براءة الاختراع ويكون هذا الترخيص لشخص واحد أو لعدة أشخاص ولأحدى الشركات ، كما قد يكون هذا الترخيص كليا أو جزئيا او محدد بمدة زمنية معينة او في اقليم معين .
تنص المادة 24 بأنه " يمكن صاحب براءة الاختراع أن يمنح شخصا آخر رخصة استغلال اختراعه بواسطة عقد لا يعتد بالبنود الواردة في العقود المتصلة بالرخصة اذا فرضت على مشتري الرخصة في المجال الصناعي او التجاري حدودا ناجمة عن الحقوق التي تخولها براءة الاختراع او التي لا تكون ضرورية لحماية هذه الحقوق.
في الغالب ان منح اية رخصة لا ينفي إمكانية منح نفس الترخيص الى شخص اخر ، او يقوم صاحب البراءة نفسه باستغلال اختراعه او بواسطة شخص اخر ، او على العكس من ذلك فانه لا يجوز للمرخص له ان يمنح ترخيصات أخرى تغلب على الترخيص التعاقدي في الاستغلال الاختراع الاعتبار الشخصي كأن تكون المرخص له ذو سمعة تجارية او صناعية معينة او ذو ائتمان كبير يمكنه من استغلال الاختراع على أحسن وجه او ان يتمتع بثقة معينة من جانب صاحب البراءة ، اما مدة الترخيص بالاستغلال كقاعدة عامة هي المدة القانونية المحددة الاحتكار استغلال البراءة، كما يجوز للطرفين ان يتفقا على قصر الترخيص على مدة اقل( ).
من خلال ماسبق نلاحظ ثبوت حق الاستغلال الاختراع للمرخص له لكن حق الملكية يبقى ثابتا لصاحب البراءة ويتم هذا الاستغلال وفق لشروط العقد كما لا يجوز للمرخص له التنازل عن الترخيص للغير او اعادة ترخيص لاستغلال من طرف الغير.
ب - الترخيص الإجباري:
نظم المشرع الجزائري الترخيص الإجباري (LICENCES OBLIGATOIRES ) الذي تدعو الحاجة إليه لعد الاستغلال او عدم كفايته وذلك بعد مدة أربع سنوات من تاريخ طلب البراءة او ثلاث سنوات من تاريخ تسليمها، ويشرط عدم إبداء صاحب البراءة أعذارا مشروعة يبرر عدم قيامه بهذا الاستغلال ولا يعتبر استيراد المنتجات من الخارج عذرا شرعيا يبرر عدم القيام بهذا الاستغلال( ).
لقد أوردت المادة25 الفقرة الأولى موجبات منح الرخصة والتي تتمثل فيما يلي:
-*- عدم استغلال الاختراع من صاحب البراءة بعد أن تحصل على هذه البراءة لاستغلاله وذلك بعد المدة التي حددها المشرع الجزائري بأربعة سنوات من تاريخ إيداع الطلب وبثلاث سنوات من تاريخ تسليمها وينتج عن هذه الحالة منح الترخيص للغير إجباري.
لقد راعى المشرع منح مالك براءة الاختراع هذه المهلة إعطاء فرصة لاتخاذ الاستعدادات اللازمة من شراء او بناء التجهيزات والإمكانيات الواجب توفرها لاستغلال الاختراع والمرور المهلة المذكورة أعلاه والاستغلال لم ينطلق ، يفرض المشرع ان ذلك دليل على عجزه عن استغلال الاختراع او على عدم رغبته وجديته في استغلاله والإفادة منه، وفي هذه الحالة مادام لم يحصل استغلال الاختراع، فعلا جاز للغير ان يحصل من جهة القضائية المختصة على ترخيص إجباري باستغلال البراءة.
-*-نقص استغلال البراءة: وفي هذه الحالة يكون استغلال صاحب البراءة لها استغلال ناقصا لايكتفي لسد حاجيات الدولة الاقتصادية وهنا يستطيع الغير الحصول على رخصة للاستغلال الامثل لهذا الاختراع والافادة الوطنية منه وذلك من جهة القضائية المختصة ويتم الحصول على الترخيص الاجباري في غياب مبررات عدم الاستغلال او نقصه لهذا الاختراع( ).
ثانيا : التزامات صاحب البراءة:
أ- الالتزام بدفع الرسوم:
نص المشرع في المادة التاسعة علة نوعين من الرسوم او الحقوق التي يجب دفعها وهي :
1- رسوم تدفع عند التسجيل.
2- رسوم الاحتفاظ بصلاحية البراءة أو ما يطلب عليه بالرسم السنوي.
3- كما أضاف المشرع رسما آخر لدفع عند طلب شهادة الإضافة لا بموجب المادة (15/2).
لقد تعرضت جل التشريعات الى نوع الرسوم الثلاثة يلتزم مالك البراءة الاختراع لتسديد مبالغها سواء كان ذلك عند تقديم طلب براءة الاختراع او طلب الإضافة، كذلك يلتزم صاحب البراءة بأداء رسوم سنوية مقابل الاحتفاظ بصلاحية البراءة، غير انه وفي ظل تشريع رقم66-54 الملغى وبمقتضى المادة (9/4) أعفت الدولة المخترع من دفع هذه الحقوق، والتزمت من معه في دفعها، وكان يهدف المشرع من وراء هذا الإعفاء من دفع هذه الرسوم إلى تشجيع الاستثمار في المجال الصناعي الذي كانت تعاني البلاد من فقدانه، بل والى استقطاب التكنولوجيات والاستفادة من الاختراعات الأجنبية للمساهمة في نهضة البلاد صناعيا ( ).
ب- التزام بالاستغلال:
في مقابل منح حق استغلال الاختراع لصاحبه لمدة (04) سنوات من تاريخ إيداع البراءة او03 سنوات من تاريخ تسليمها، يلتزم صاحب البراءة باستغلال اختراعه فهذا الالتزام يعتبر من قبيل العقود، فهو اجتماعي يلتزم بمقتضاه المخترع باستغلال براءته الإفادة المجتمع.
من المنطق ان يقوم الشخص باستغلال اخترعه وقف للحقوق الممنوحة له، لكن في حالة ما اذا لم يقم باستغلاله بتاتا او استغلاله بطريقة غير كافية يمكن حق الدولة ان تمنح حق لاستغلال الى غيره للمصلحة العامة وفق شروط معينة .
كما قد يقوم الشخص باستغلال اختراعه في حدود إمكانياته لكن هذا الاستغلال لا يكفي حاجات البلاد، فهنا يمكن للدولة ان تمنح هذا الاستغلال للغير الذي يعجز عليه صاحب الاختراع.
او ضحت المادة 25 من التشريع الجزائري بان لكل ذي مصلحة في أي وقت بعد انقضاء مهلة أربعة سنوات من تاريخ إيداع الطلب او03 سنوات من تاريخ تسليمه البراءة ان يطلب رخصة إجبارية في حالتي عدم الاستغلال او الاستغلال الغير الكافي الا اذا قدم صاحب البراءة أعذارا مشروعة.
كما اشترطت المادة 47 من التشريع رقم 66-54 ان تقدم طالب الرخصة الضمانات اللازمة للاستغلال لتفادي النقص الذي كان سببا في منح ا لرخصة .
يتم منح الرخصة مقابل دفع رسم لدى المصالح المختصة وتحويلها يتم بترخيص من السلطة التي منحتها، ويتم طلب هذه الرخصة أمام المحكمة المختصة والتي تدعو لحضور الطالب للرخصة وصاحب البراءة او ممثليها، كما يجوز لها ان تطلب رأي الوزير الذي يهمه الأمر ( ).
المبحث الثاني: الاستثناءات الواردة على الحصول على البراءة
المطلب لأول: النظريات العلمية والمناهج الرياضية، طرق التشخيص، العلاج والجراحة
الفرع الأول: النظريات العلمية والمناهج الرياضية
لقد استبعد المبادئ والنظريات العلمية من مجال تطبيق النص القانوني واعتبرت غير قابلة للبراءة( )، إن إعداد نظريات علمية – أو أفكار علمية، ووضع مبادئ علمية لا تسمح للباحث بمطالبة الحماية القانونية، فهو لا يتمتع بحق احتكار هذه النظريات أو هذه المبادئ لكن يجوز له منطقيا طلب براءة اختراع اذا كان الأمر يتطلب بتطبيقاتها الصناعية ولهذا يمكن القول بان موقف المشرع الجزائري غير واضح في هذا المجال حيث يقضي النص القانوني ( ) بعدم اعتبار النظريات والمبادئ العلمية اختراعات لكنه لم يتطرق الى تطبيقاتها الصناعية فكان من المستحسن لتفادي الغموض ان يتولى سن أحكام بشأن الإنجازات الناجمة عن تطبيق المبادئ والنظريات العلمية، وهذا الحل لا يخالف الشروط المحددة قانونا لمنح البراءة( ).
وهكذا يجب في حالة عدم إثبات التطبيق الصناعي لنظرية علمية معينة رفض حمايتها، هذا ما يسمح بالقول ان العبرة بالتطبيق الصناعي لنظرية ما وليس في النظرية العلمية لإنجاز منتجاة مختلفة، فتعتبر هذه النظريات او الأفكار العلمية ملكا شائعا للجميع ( ).
ولابد من الإشارة الى ان جانب من الفقه اقترح، شمول الاكتشافات والاقتراحات العلمية، في الحماية القانونية لان الجزائر بلد نامي وبحاجة الى جهد ينصب على تطوير وتنمية صناعته وان تشجيع الاختراع له أهمية في هذه المرحلة يؤدي الى تنامي إطاراته فيزيد من وتيرة التطوير( ).
ويقصد بالاقتراحات العلمية " الأفكار والآراء لتحسين أسلوب العمل او تعديله "( ).
فيجي استبعادها من مجال تطبيق النص القانوني لأنها مجرد آراء لا أكثر ولا اقل وبالرغم من أنها تتضمن في بعض الأحيان ايجابيات اذا يمكن ان يدلي الخبير برأيه في مجالات صناعية متخصصة فلا يعد هذا النشاط الذهني اختراعا ولو أدى إلى تحسين في الفن الصناعي القائم .
والجدير بالذكر انه يجب اعتبار الأفكار مستبعدة من الحماية، فهي غير قابلة للبراءة، كما انها مستبعدة من الملكية الأدبية والفنية، بينما يجوز حماية المنشأة الملموسة الناجمة من تطبيق فكرة معينة، ولقد اقترح حماية مصالح العلماء الذين يكتشفون في إطار بحوثهم الأساسية بعض النظريات العلمية التي تسمح القيام بالبحث التطبيقي ومن ثم تحقيق تطور التكنولوجيات.
ومنه فانه لا يمكن اعتبار الاكتشافات والنظريات العلمية والمناهج الرياضية من قبيل الاختراعات حيث تتمثل هذه الأخيرة في إنجاز شيء جديد يتضمن نشاط ابتكاريا ويكون قابلا للتطبيق الصناعي ( ).
الفرع الثاني: طرق التشخيص، العلاج والجراحة
تسمح المادة 27/3 من اتفاق التريس للدول الأعضاء ان تستثني من الحصول على البراءة طرق التشخيص، العلاج، وإجراء العمليات الجراحية لمعالجة الإنسان والحيوان.
وهذا الاستثناء تقره معظم دول العالم نظرا لأنه لا يوجد اختراع، او لكي تتحين ان يؤثر الاحتكار في مجال معين على صحة الإنسان والحيوان .
إن انتهاك حقوق البراءة بالنسبة لهذه الطرق من الصعب تحديده، ومن ثمة فان القيمة العلمية لمنح البراءة تعد محل شك كبير ومع هذا تصبح البراءة أكثر أهمية بالنسبة لطرق العلاج بالنظر للتطور في العلاج الجيني.
ولا يمتد عدم منح البراءات وفق هذا الاستثناء الى الطرق والمنتجات التي يمكن ان تستخدم لكي تطبق إحدى الوسائل المشار إليها ( ).
-المطلب الثاني: النظام العام والأخلاق، الخطط والمناهج والمبادئ
الفرع الأول: النظام العام والأخلاق
تتضمن المادة 27/2 من اتفاق التربس ضمن الاستثناءات من الحصول على براءة الاختراع، ان أي دولة يمكن ان تضع في قانونها المحلي( لكنها ليست مجبرة على ذلك) الافتراضات المكونة للنظام العام او الأخلاق ( )
وتنص المادة المذكورة انه:
" يجوز للبلدان الأعضاء ان تستثني من قابلية الحصول على براءة الاختراع تلك التي يكون منع استغلالها تجاريا في أراضيها ضروريا لحماية النظام العام او الأخلاق بما في ذلك حماية الحياة او الصحة البشرية او الحيوانية او النباتية او لتجنب الأضرار الشديدة بالبيئة، شريطة ان لا يكون هنالك الاستثناء ناجما فقط على حضر قوانينها لذلك الاستغلال" .
و يشير الاستثناء كما ورد، العديد من المسائل المتصلة بإنقاذ هذه المادة على المستوى القومي، ففكرة الأخلاق والنظام العام تكون مبهمة ومتميزة.
(DULIAN . 1997 .p 166 pollau ) كما ان محتواها يعتمد على الؤى الوطنية من قبل القضاء ومكاتب البراءة .
يستخدم التربس مفهوم النظام العام كأحد أسس الاستثناء، ويمكن تفسير هذه المفاهيم على انه أضيق من مفهوم للصالح العام، وحسب إرشادات الفحص للمكتب الأوروبي لبراءات الاختراع، على سبيل المثال، يرتبط النظام العام بأسباب أمنية، مثل الاضطرابات، الفوضى العامة، الاختراعات التي يمكن ان تؤدي الى سلوك عدواني وإجرامي بصفة عامة(31 PARTCCHAPTERIV).
ومع ذلك لا توجد فكرة موحدة مقبولة على نحو عام للنظام العام، فالدول أعضاء منظمة التجارة العالمية لديها مرونة كبيرة في تحديد أي الفروض تمت تغطيتها اعتمادا على تصورها الخاص لحماية القيم العامة.
وتشير المادة 27/2 ذاتها إلى ان المفهوم لا يقف عند حد الأسباب المتعلقة بالأمن، فهي تتعلق أيضا بحماية حياة او صحة الإنسان والحيوان والنبات يمكن ان تنطبق على الاختراعات التي يمكن ان تؤدى الى الأضرار بالبيئة .
ويعتمد بعض القرارات الهامة المرتبطة بمنح البراءة على الحكم في المسألة الأخلاقية، فكما ذكر احد الكتاب " من غير المقبول ان تعتقد ان مكاتب البراءة يمكن ان تمنح براءات لاي نوع من الاختراعات، دون اعتبار للمسائل الأخلاقية أي ما كانت (BERCORTZ 1996 53) والقرار الذي يستند الى ذلك لا يمكن الشكوى ضده وفق عملية تسوية المنازعات في منظمة التجارة العلمية ان لم تكن خارج نطاق المعنى المعقول لهذا المفهوم على النحو واضح ( ).
ويوجد القليل في قانون السوابق الوطني لرفض او الغاء براءة الاختراع بناء على اسس تتعلق بالنظام العام والاخلاق وقد قرر المكتب الاوربي لبراءة الاختراع – استنادا للمادة 53/2 من الاتفاقية الاوربية بعض الحالات التي تتضمن منتجات مهندسة وراثيا ، حيث توضح كيف هذا الشرط .
وطبقا لإرشادات هذا المكتب لفحص براءة الاختراع، يمكن رفض منح البراءة لاختراع ما استند على أسس اخلاقية، او النظام العام في حالات نادرة ( ).
وتتمثل احدى النقاط العامة التي يجب ان تأخذها بعين الاعتبار في مدى اعتبار دور مكتب البراءة في تقدير او افكار منح البراءة استنادا للأسس الأخلاقية والصالح العام يعد كافيا للحيلولة دون حدوث التأثيرات الضارة ومع اخذ اختصاص المكتب في الحسبان، فان عدم منح البراءة يكفل فقط انه لم يتم احتكار والاختراع، إلا أن هذا لا يعد كافيا لمنع استخدام الاختراع من قبل أي شخص له مصلحة حيث سيظل متاحا للجميع ( ).
الفرع الثاني: الخطط والمناهج والمبادئ
لقد تبين المشرع الجزائري ( ) في هذا المجال موقف المشرع الفرنسي حيث اخذ بعين الاعتبار تطور التكنولوجيات والوسائل الحديثة، ولهذا استبعد من مجال البراءة الخطط والمبادئ والمناهج الرامية الى القيام بأعمال ذات طابع ثقافي او ترفيهي، كما استبعد المناهج والمنظومات الخاصة بالتعليم والتنظيم والإدارة والتسيير .
أولا: الخطط والمبادئ
يتضمن المرسوم التشريعي رقم 93- 17 السالف الذكر استبعاد بصفة عامة " الخطط والمبادئ " ومما لاشك فيه أن هذا التعبير واسع يشمل عدد كبيرا من المنشأة التي تصبح غير قابلة للبراءة ، ونذكر أساسا " الأفكار " حيث لا يمكن تملكها ولقد سيق القول ان الاختراعات العلمية أي- الأفكار والآراء العلمية، التي لا تعتبر اختراعات بالرغم من كونها نشاطا ذهنيا.
وتجدر الملاحظة ان الافكار مستبعدة كذلك كقاعدة عامة من ميدان الحقوق الأدبية والفنية( ).
ثانيا: المناهج والنظم
استبعد المشرع الجزائري على غرار نظيره الفرنسي من مجال البراءة المناهج الرامية الى القيام بأعمال ذات طابع ثقافي او ترفيهي وكذلك المناهج والنظم المتعلقة بالتعليم او التنظيم او الإدارة او التسيير، غير انه يجب تمييز المنهج عن الطريقة التي تخول لصاحبها الحق في طلب الحصول على البراءة فاذا كان الأول مستبعدا من مجال البراءة بسبب تجريده، فالامر يختلف بالنسبة للطريقة التي ستتم بطابعها الصناعي .
وهكذا اعتبر ان المنهج يؤدي الى نتيجة ذهنية مجردة على خلاف الطريقة التي تؤدي الى نتيجة صناعية( ).
غير انه يجب التساؤل عن موقف المشرع الجزائري فيما يخص برامج العقل الالكتروني أي اللوجيسيال، وبالرغم من ان أحكام المرسوم التشريعي رقم 93-17 السالف الذكر مستمد تقريبا حرفيا من التشريع الفرنسي ، يلاحظ انها لا تتضمن ادراج برامج الحاسوب ضمن قائمة المنشآت المستبعدة من مجال البراءة ، ولهذا يبقى الغموض سيد الموقف على كل ، لا يمكن حماية هذه البرامج الا إذا كانت جديدة وناتجة عن نشاط اختراعي وقابلة للتطبيق الصناعي ( ).
وهذا من الصعب تحقيقه ، لذا يتوجب على مشرعنا التدخل في هذا المجال بنص صريح لاعتبارها قابلة للبراءة او بالعكس لاستبعادها من الحماية القانونية وهكذا يجب سد الفراغ الموجود في التشريع المتعلق بالاختراعات.
لكن لا يجب نسيان ان المشرع الجزائري تطرق الى هذا الموضوع في الإصلاح الأخير المتعلق بحقوق المؤلف حيث نص، على مثال نظيره الفرنسي على إخضاع برامج الحاسوب لهذا النظام .
بينما ينص المشرع الفرنسي بوضوح على عدم اعتبار برامج الحاسية الالية من قبيل الاختراعات، غير ان هنالك تحفظ حيث يجوز طلب الحصول على براءة ولو كان الاختراع المطلوب حمايته يتضمن ضمن عناصره برنامج متعلق بالحاسية الالية، لان النص القانوني لا يستبعد الحماية القانونية الا اذا اتخذت المنشأت المحددة في النص القانوني بمفردها وليس كعنصر من عناصر منتوج ما ( ).
كما اعتبر انه يجب قبول حماية الأجهزة المادية المستعملة للحصول على برنامج ما، ويجب ان نشير الى ان القانون الفرنسي رقم 85 -660 المؤرخ في 03 جويلية 1985 المتعلق بحقوق المؤلف بنص صراحة على حماية برامج العقل الالكتروني نظرا للعمل الذهني الذي تطلب انجازه .
لذا حدد لها بابا خاص بين نظام حماية هذه المنشآت التي يجب أن تتميز بالطابع الفكري ( ).
المطلب الثالث:المواد الغذائية والصيدلانية، التزينية والكيماوية، النباتات والحيوانات
الفرع الأول:المواد الغذائية والصيدلانية والتزيينية والكيماوية
إذا كان الأصل انه لا يمكن الحصول على براءة اختراع فيما يخص المواد الغذائية والصيدلانية والتزيينية والكيماوية، إلا أن هذا المنع لا ينطبق على الطرق المستعملة للحصول على هذه المواد .
أولا : المبدأ العام
لم ينص المشرع الجزائري سابقا على استبعاد المواد السالفة الذكر من مجال البراءة ويبدو انه أراد من خلال الحظر المنصوص عليه في الأحكام الراهنة عدم وضع احتكار في الاستغلال هذه المنتجات.
فلا يسمح إنجاز هذه المواد المطالبة بحق مطلق في استثمارها وهكذا يلاحظ على سبيل المثال المواد الصيدلانية، أي الأدوية تعتبر غير قابلة للبراءة، بينما يختلف الأمر في التشريع الفرنسي، حيث تتمتع الأدوية بحماية قانونية لأنه يجوز أن يكون موضوعا للبراءة ، لكن يجب أن نشير إلى أن التشريع الفرنسي عرف في هذا المجال تطورا ملحوظا ، فكان القانون الفرنسي المؤرخ في 05 جويلية 1844 يرفض في مادته الثالثة أن تكون المكونات الصيدلانية والأدوية ، مهما كان نوعها قابلة للبراءة ، وكان هذا الحظر يعد أساسه في ضرورة حماية المصلحة العامة ومنع إنشاء احتكارات لاستغلال الأدوية غير أن إنتاج المنتجات الصيدلانية اتخذ طابعا صناعيا ، الأمر الذي استلزم تدخل المشرع لتليين موقفه( ).
وهكذا يبين القانون الفرنسي المؤرخ في 27 يناير 1944 أن المنح القانوني يطبق على المكونات الصيدلانية وليس على الطرق المستعملة لتحضيرها ، لكم كان لهذا النص عيوب إذ كانت البراءة الخاصة بطريقة تحضير الأدوية ، تؤدي إلى احتكار غير مباشر لهذه الأدوية ، فلا شك أن المرحلة الحاسمة جاءت بعد إصدار الأمر رقم 59- 250 المؤرخ في 04 فبراير 1959 ، المتعلق بإصلاح شروط منح الترخيص المسبق لاستغلال الأدوية والمرسوم رقم 60 -507 المؤرخ في 30 مايو 1960 المتعلق " بالبراءة الخاصة بالدواء " ( LE BREVET Spécial de médicament ) )) ولا يمكن أن تتمتع بالحماية إلا الأدوية التي تتميز بطابعها الجديد .
ويكمن التذكير في هذا الإطار بضرورة احترام مفهوم " الأدوية " الوارد في قانون الصحة العامة ، وفيما يخص القانون رقم 68-1 المؤرخ في 02 يناير 1968 ، فهو يعتبر ذو أهمية بالغة حيث اخضع الأدوية للنظام العام للاختراعات ، مع النص على بعض الاحكام الخاصة لحماية مصالح الصحة العامة .
كما احتفظ المشرع الفرنسي بنفس المبدأ حيث تدوين - عام 1992 - النصوص القانونية الخاصة بالملكية الفكرية، وهكذا رفض اعتبار طرق علاج الإنسان والحيوان بالجراحة أو الأدوية ومناهج التشخيص اختراعات لعدم توافر فيها شرط التطبيق الصناعي لكنه جاء على خلاف المشرع الجزائري، باستثناء حيث يعتبر هذه الاحكام غير قابلة للتطبيق على المواد، وخاصة المقومات أو المركبات المستعملة للقيام بهذه الطرق( ) .
ثانيا: الاستثناء الوارد على القاعدة العامة
إذا كانت المواد الصيدلانية والغذائية والتزينية والكيماوية مستبعدة من مجال البراءة، فالأمر يختلف بالنسبة للطرق المستعملة للحصول عليها إذا تعتبر قابلة للبراءة( ) .
ومن تم يتبين أن المشرع ميز هذه المواد حق الطرق المستعملة لتحقيقها، وهكذا إذا كانت المواد الصيدلانية على سبيل المثال قابلة للبراءة في فرنسا فهي في الجزائر مستبعدة من الحماية القانونية غير انه يجوز لمن يستعمل طريقة تتوافر فيها الشروط القانونية ان يقدم طلب لحمايتها وعلى ذلك يلاحظ أن مشرعنا تبنى المبدأ الذي كان معمولا به في التشريع الفرنسي القديم تحت ظل القانون المؤرخ في 27 يناير 1944 المتضمن تعديل المادة 3 من القانون المؤرخ في 5 يوليو 1844، حيث كان ينص على قاعدة عدم قابلية المنتجات الصيدلانية للبراءة لا تسري على الطرق المستعملة لتخضيرها.
ولهذا نستطيع القول أن العبرة من استبعاد المواد الصيدلانية من ميدان تطبيق المرسوم التشريعي رقم 93 السالف الذكر حماية الميادين المعتبرة ذات مصلحة عامة، والمقصود هنا منح إمكانية إنشاء احتكارات في إنتاج الأدوية، ويترتب على ذلك انه يجوز لأي باحث استعمال هذه الأدوية في بحوثه العلمية، غير انه يحظر عليه استعمال الطريقة التي أدت إلى تحضيرها ومن ثمة يمكن أن يصل إلى صنع لنفس المنتجات الصيدلانية لكن على أساس طريقة مختلفة، فتصبح هذه الطريقة قابلة للبراءة، إذا توافرت فيها الشروط القانونية كما تسري هذه القاعدة على طرق تحضير المواد الغذائية والكيماوية والتزينية( ).
الفرع الثاني:النباتات والحيوانات
تجيز المادة 27/3 (ب) من اتفاق التربس لأي دولة عضو أن تستثني النباتات والحيوانات من منح البراءة.
إن التأثيرات الأخلاقية، الاقتصادية والقانونية للسماح بمنح براءة الاختراع للنباتات والحيوانات أو أجزائها حتى لو كانت معدلة جينيا، أدت بكثير من الدول أن تمنح استثناءات واسعة المدى( ) .
أولا : وضعية الأنواع النباتية
لا يمكن الحصول شرعا على براءات الاختراع بخصوص الأصناف النباتية، أي الأنواع النباتية(LES VARIETES VEGETALES ) وهكذا يلاحظ أن المشرع الجزائري اتخذ موقفا حذرا وصارما إزاء العمليات الرامية إلى تصنيف النباتات ، وإذا كان لهذا الموقف مبرر في حالة التصنيفات الناجمة عن ملاحظة الطبيعة فأنه يصبح قابلا للنقد بالنسبة للعمليات التي تؤدي إلى إنشاء أنواع جديدة من النباتات بفضل تدخل الإنسان ، إن تطور البحث العلمي في مجالات شتى ولاسيما في المجال الزراعي ونتائجه المباشرة على مختلف أنواع الصناعة، كالصناعة الغذائية- استلزم تدخل القضاء الفرنسي لمعالجة النظام القانوني لبعض المنشآت( ).
فالقانون البرازيلي 1996 على سبيل المثال يستثني كل الكائنات الحية فيما عدا الكائنات الدقيقة المختلفة جينيا(RTTICLE 18 -111OF THE PORTEN LOUS 1996 TRANSGENIC MICRO ORGANIMS ) وفي معظم الدول التي تنتهج النهج الأوروبي تم استبعاد السلالات النباتية والفصائل الحيوانية فقط من الحصول على البراءة.
تلتزم كل الدول أعضاء منظمة التجارة العالمية أن تمنح براءات الاختراع على الكائنات الدقيقة (م 27/3)ويمكن أن يفسر هذا الالتزام على انه قابل للتطبيق على الكائنات الدقيقة فقط المعدلة جينيا وتلك التي لم تكن كائنة في الطبيعة من قبل( ).
هذا ما أدى إلى ضرورة حماية هذه المنشآت قانونيا ولتحقيق هذا الغرض تم في 02 ديسمبر 1961 في مدينة باريس إبرام اتفاقية دولية لحماية الأنواع النباتية الجديدة، وتم تعديلها في جنيف في 10 نوفمبر 1972 و23 أكتوبر 1978 وأعمالا بأحكام هذه الاتفاقية يجب أن تتوفر في النوع النباتي الشروط التالية:
" الجدة " ( LA NOUVEAUTE ) تجانس النباتات (HOMOGENEITE DE LA PLANTE ) والاستقرار أي التثبيت( ).
ولقد تدخلت هذه الاتفاقية حيز التنفيذ على التراب الفرنسي في3 أكتوبر1971 بعد الانضمام إليها، أيضا سمحت هذه الاتفاقية بإنشاء اتحاد خاص مقره بجنيف سبيره المنظمة العالمية للملكية الصناعية .
استنادا إلى هذا القانون فأن المشرع الفرنسي وضع أحكاما خاصة بحماية " الحاصلات النباتية " استنادا إلى القانون رقم 70-489 لمؤرخ في 11 يونيو 1970 والمرسوم رقم 71-764 المؤرخ في 09 ديسمبر 1971 المعدل بالمرسوم رقم 83- 10 المؤرخ في في 5 يناير 1983 .
الغي نظرا لتدوين النصوص المتعلقة بالاختراعات ضمن قانون الملكية الفكرية.
ويقصد بالحاصل النباتي، النوع النباتي الجديد الذي اكتشف وهو متميز عن الأنواع المتشابهة له نظرا لميزة مهمة دقيقة قليلة التغيير أو نظرا لتعدد عدة ميزات، يؤدي جمعها إلى انه يمكن اعتباره نباتا جديدا متجانس الصفات، وبالتالي فالأنواع النباتية الحاصلة من نشاط الإنسان وهذه الأخيرة لا تمنح لها الحماية القانونية، وكذلك للأنواع التي اكتشفها، غير ان المشرع قيد في الصفات الواجب توافرها لحماية هذا النوع النباتي، أن الالتزام القانوني المتعلق بعنصر الجدة برهان على أن المشرع الفرنسي يريد حصر مجال تطبيق الحماية القانونية، وبالتالي الحاصل النباتي عرف قبلا لا يعتبر جديدا، سواء في نفس البلد – فرنسا- أو خارج هذا البلد قبل تاريخ إيداع الطلب إعلانا كافيا لاستغلاله .
لكن استعماله في إطار تجارب او تسجيله في فهرس او سجل رسمي لأحد الدول الأعضاء في اتفاقية باريس لحماية الحاصلات النباتية لا يعد إنشاء ولا يؤثر على عنصر الجدة ، ولهذا استلزم تدخل القضاء لتحديد مفهوم الإنشاء ( LA DINULGATION ) وإذا كان عنصر الجدة عنصرا مشتركا لكافة حقوق الملكية الصناعية فان عنصري التجانس والاستقرار يميزان قبل كل شيء الحاصل النباتي( ) .
وللاستفادة من الحماية القانونية يتوجب على الشخص المعني بالأمر التحصل على شهادة تسمى : شهادة الحاصل النباتي " وهذه الأخيرة تسمح بحماية الحاصل النباتي مدة عشرين سنة ابتداء من تاريخ عملية التسليم وتحدد هذه المدة بخمسة وعشرين سنة ، إذا كان تكوين العناصر اللازمة لإنتاج النوع النباتي يطلب مهلة طويلة .
وهذه الأخيرة لا تسلم إلا بعد فحص إداري مسبق ، وعلى المودع تقديم ملف يتضمن على غرار الملف الخاص ببراءة الاختراع ، و أيضا وصفا دقيقا للحاصل النباتي المطلوب حمايته ، ويلتزم بحفظ مجموعة من هذه الحاصلات النباتية طيلة مدة الشهادة ، و إلا سقطت حقوقه كما يفرض عليه تقديم مجموعة منها للإدارة ، لتتمنكن من مراقبة الشروط الجوهرية التي يجب ان تتوفر في الحاصلات إضافة البراءة ، يجب إعطاء للحاصل النباتي تسمية ، هذه الأخيرة تسمح بتمييز النوع النباتي الجديد عن غيره من النباتات المشابهة له والمعروضة في الأسواق ، والهدف من ذلك حماية المشتري ضد عملية الغش .
ويتمتع الحاصل النباتي بحق حصري في إنتاجه وبيعه أو عرضه للبيع كليا أو جزئيا ، ويمكن أن يمنح ترخيصا جبريا لاستغلاله إذا كان الحاصل النباتي ضروريا للحياة الإنسانية أو الحيوانية أو ضروريا للصحة العامة أو للدفاع الوطني ، وهذه الرخص يمكن اعتبارها غير قابلة للتنازل أو الانتقال ، وحقوق صاحب الحاصل النباتي محمية قانونا يحق له رفع دعوى التقليد في حالة الاعتداء على حقوقه الشرعية .
وطرحت عدة مشاكل شأن تسمية " الحاصل النباتي " مسألة جمع التسمية والعلامة المسجلة، فهل يجوز للمعني بالأمر استعمال علامة مسجلة زيادة على التسمية ؟
واختلف الفقه في هذا المجال متمسكا بضرورة حماية الجمهور، واعتبر المشرع الفرنسي انه يجوز أن يحمل الحاصل النباتي زيادة على التسمية علامة مصنع أو علامة تجارية( ) .
و يمكن الإشارة أن المنشآت النباتية، المحمية نتيجة الحصول على شهادة الحاصل النباتي تعتبر غير قابلة للبراءة.
ثانيا: وضعية الأجناس الحيوانية
في التشريعيين الجزائري والفرنسي لا يمكن الحصول على براءات الاختراع بخصوص الأجناس الحيوانية، وهي مستبعدة بصورة قطعية من مجال البراءة، ولا يمكن منطقيا القدرة اللازمة لخلق أجناس حيوانية جديدة، غير أن عبقرية الإنسان تظهر كأنها دون حدود، حيث وصل هذا الأخير إلى إنشاء طرق بيولوجية للحصول على حيوانات حيث وصل هذا الأخير إلى إنشاء طرق بيولوجية للحصول على حيوانات ونباتات( ).
المبحث الثالث: قابلية الاختراع للبراءة وكيفية الحصول عليها
المطلب الأول: معايير منح البراءة للاختراع وجزاء مخالفتها
الفرع الأول: معايير منح البراءة للاختراع
يمكن أن تكون الاختراعات الجديدة الناتجة عن نشاط اختراعي والقابلة للتطبيق الصناعي موضوعا للبراءة إلا انه لا يمكن أن تكون ممنوعة أو مخالفة للنظام العام والآداب العامة وهو ما اخذ به المشرع الفرنسي.
أولا : الشروط الموضوعية
1-أن يوجد اختراع: يشترط لمنح البراءة أن ينطوي الاختراع على ابتكار أو إيداع يضيف قدرا جديدا إلى ما هو معروف من قبل.
وبالتالي لا تكون قابلة للبراءة إلا المنشآت التي تتصف بميزات الاختراع ويجب استبعاد المنشآت التي لا تنطبق عليها هذه الصفة، وبالتالي فالابتكار أساس حماية المخترع، فحق المخترع إنما هو ثمرة من ثمار الإنسان وابتكاراته، فلا بد أن يأتي بشيء جديد حتى يكون موضوعا للبراءة، وبالتالي يجب أن ينشىء شيء لم يكن موجود من قبل أو طريقة صناعية جديدة، أو تطبيقات جديدة لطرق صناعية معروفة( ).
وعلى ذلك يجب التأكد من طبيعة المنجزات المطلوب حمايتها قبل البحث عن توافر الشروط القانونية فيها، م 03 من المرسوم التشريعي رقم 93/17...الاختراعات الجديدة..." أي وجوب وجود الاختراع "، والاختراع قد يكون متعلقا بنتائج صناعي جديد متميز عن غيره من الأشياء: كابتكار نوع جديد من السيارات أو الطائرات.الخ. .
أن الإدارة لا تبرم عقدا مع المخترع ، فالقانون يلزمها منح البراءة متى توافرت الإجراءات والشروط المطلوبة قانونا ، وانه متى تخلف احد هذه الشروط للإدارة أن ترفض منح البراءة ، وليس ذلك على أساس فحص سابق لجدة الابتكار أو صلاحيته للاستغلال الصناعي ، لان ذلك من مسؤولية الطالب للبراءة .
ومما نستخلص له أن براءة الاختراع لا تمثل سند رسمي يعطى بناء ذاته ووصفا كاملا عن الاختراع، وحق صاحبه في احتكار الحصول وفقا لنصوص القانون.
فالبراءة والحالة هي عمل قانوني من جانب واحد يتمثل في صورة قرار إداري يمنح البراءة ويصدر من الوزير المختص، وقد ترد عن طريق صناعة جديدة، أي البراءة تأتي على الوسيلة ذاتها دون الناتج.
إذا باستطاعته أي شخص أن يحصل إلى نفس النتيجة بوسائل أخرى وفي أحيان أخرى قد لا ترد البراءة علة موضوع جديد أو على طريقة صناعية جديدة بل يكون موضوعها تطبيق جديد لطرق ووسائل صناعية معروفة ، وقد يتعلق الاختراع بتركيب جديد تشترك في تكوينه وسائل صناعية معروفة ينتج عنها ابتكار له ذاتية مستقلة عن كل عنصر داخل في تركيبه .
هذه الاختراعات السالفة الذكر تحتوى على قدر كبير من الابتكار يختلف مداها من ابتكار إلى آخر وهي جميعها تستحق الحماية القانونية.
وهذه الابتكارات بأنواعها لا يكاد يمر يوم دون ذكر جديدها في جميع مجلات الحياة ، بفضل التطور العلمي والتكنولوجي .
لم تتعرض معظم التشريعات إلى مفهوم الابتكار أو تحديد معايير التمييز لما يعد ابتكار أم لا ، إلا إن المشرع الجزائري من خلال المادة 05 من الأمر 93-17 اخذ في مجال تحديد معنى الابتكار لما قدمه معهد القانون المقارن بميلانو .
إن معظم التشريعات تفادت تعريف ماهية الابتكار وتحديد معاييره والتي تميزه عن غيره، في حين نص المشرع الجزائري في المادة 5 من الأمر 93/17 " يعتبر الاختراع ناتجا عن نشاط اختراع إذا لم يكن ناجما بداهة من الحالة التقنية...ط وهو اخذ بما قدمه معهد القانون والمقارن بميلانو في تحديد معنى الابتكار .
وتعتبر أهمية تعريف الابتكار مسألة أساسية بالنسبة للإدارة التي تمنح سند البراءة، وبالنسبة للقضاء عند نظره دعوى بطلان البراءة بعدم توفر شرط الابتكار .
ثانيا: أن يكون الاختراع جديدا:
إن وجوب توافر عنصر الجدة في الاختراع شرط منصوص عليه في كافة التشريعات التي تقبل حماية هذه المنجزات الفكرية بواسطة براءة.
وعلى ذلك يجب أن يكون الاختراع المطلوب حمايته جديدا .
ويقصد بالاختراع جديدا انه لم يسبق نشره أو استعماله ، أو منح براءة عن ذلك الاختراع ، والبراءة تمنح صاحبها احتكار أو استغلال الفكرة المبتكرة ، مقابل الكشف عنها للمجتمع ، وإذا كانت معروفة من قبل ، ينتهي مبرر إصدار البراءة ، فالاحتكار الاستغلال هو الذي يعطي للمجتمع كمقابل الأسرار الصناعية التي قدمها للمجتمع .
اخذ المشرع الجزائري بمبدأ الجدة المطلقة ، نص في المادة 4 فقرة أولى من الأمر رقم 93 -17 على انه " يعتبر الاختراع جديدا إذا لم تتضمنه حالة التقنية التي تتكون من كل وصل إلى العموم أما يوصف كتابي أو شفوي وأما بالاستعمال أو بكل وسيلة أخرى وذلك قبل يوم إيداع طلب الإجازة أو تاريخ الأسبقية المطالب شرعا بموجبه الاختراع ....
والجدة المطلقة يقصد بها أن الاختراع قد أذيع السر عنه في أي زمن من الأزمنة أو في أي مكان وقد اتجهت اغلب التشريعات إلى الأخذ بمبدأ الجدة المطلقة ، القانون الفرنسي ، والتشريع الأمريكي و الألماني والسوري و اللبناني والبرازيلي ...
إرسال تعليق