ـ إذا كان من الصعب وضع تعريف جامع مانع
لكل عمليات البنوك أو حصرها في تعداد معيّن لأنّها شديدة التنوع ، سريعة
التطور ( راجع نص المادة 112 ، و
كذلك نص المادة 110 المشار إليها فيما سبق لملاحظة ذلك) ، و
تتخذ أحيانا أشكالا مركبة من أكثر من عمل من طبيعة قانونية مختلفة ، إلاّ أنّ هذه
الأعمال ـ على تعددها و تنوعها ـ تتميّز بخصائص معينة و هي التالية :
1 ـ
تعتبر تجارية بنص القانون جميع عمليات البنوك إذ قضى قانون التجارة الجزائري في
المادة الثانية منه بأنّ : " يعدّ عملا تجاريا بحسب موضوعه :
" كل عملية مصرفية ، أو عملية صرف أو سمسرة أو خاصة بالعمولة ".
2
ـ تتميز الأعمال المصرفية بقيامها على الإعتبار
الشخصي : و في هذا القول الأستاذ / جمال الدّين عوض: " المقصود بذلك أ نّ هذه العمليات بطبيعتها
تقوم على ثقة كل من طرفيها في الأخر ، و هذا الإعتبار يؤثر في مضمون العمل و في
بقائه ، و هو يبدو أكثر من جانب نظرة البنك إلى عملية ، فهو قبل أن يتعامل معه ـ و
خاصة إذا كانت العملية فيها مخاطرة مالية ـ يقدّر إحتمالات وقوع الخطر بالنّظر إلى
أخلاقيات العميل و إمكانياته ، و هو لا يقدم على العملية إلاّ متى إطمأن إلى هذه العناصر ، فإذا طرأ مايهز بعض هذه
العناصر تعرّضت العلاقة بينهما إلى الإنهيار ، و كذلك يقوم الإعتبار الشخصي بالنسبة
إلى العميل، فهو يقبل طلب الخدمة من بنك دون بنك آخر ، على الأقل في بعض صور هذه
الخدمات المصرفية، بالنّظر إلى سلوك البنك و سمعته القائمة على هذا السلوك ، و هو
لا يرضى عادة أن يؤديها إليه بنك آخر".
3 ـ و لعمليات البنوك طابع نمطي ، فمعظمها يتم
بأسلوب موّحد لكل عملية في شكل نموذج لا يخرج عنه البنك و تلتزمه جميع البنوك . و
هذا ما دفع بعض الفقه إلى القول بأنّ الكثير من الأعمال المصرفية له وصف عقد
الإذعان فالبنك لديه نماذج مطبوعة تتضمن الحكام التّفصيلية لكل عملية من العمليات
الت ييباشرها ، فهناك نموذج لحساب الوديعة و آخر للحساب الجاري ، و آخر لفتح الإعتماد
و هكذا ، و العميل لا يقوم بمناقشة ما ورد من شروط ، و أحكام في هذه النماذج.
4 ـ و لعمليات البنوك طابع
دولي تحلّى مع إزدهار التجارة الدولية . و يتمثل في توحيد الأنظمة الخاصة ببعض
الأعمال المصرفية ، إمّا بصورة تلقائية عن طريق النقل و التقليد و إمّا بواسطة
المعاهدات التي تعد من المصادر الدولية للقانون المصرفي . فمثلا الحساب الجاري (
Le
compte courant ) له مفهوم واحد في كافة البنوك أيا كان
البلد الذّي توجد بها هذه الخيرة ، و كذلك الحال بالنسبة لحساب الوديعة أو
الإعتماد المستندي .
5 ـ تتميز الأعمال
المصرفية بتمرّدها على القوالب القانونية المعروفة : تتميز المصارف بالتعدية و التنوع في مهامها ، فهي لا تزاول عمليات وفقا
للنّظريات التقليدية المدنية أو التجارية فحسب ، بل إنها مؤهلة لإستحداث عمليات
جديدة ، تقف إزائها أية نظرية عاجزة عن إعائها التفسير القانوني الصحيح كما هو
الشأن بالنسبة للإعتماد المستندى المثبت .
و بمعنى آخر ، فإنّ هذه الميزة أو الخاصية تتجلى
في عدم كفاية القواعد العامة لتفسير العديد من الأعمال
المصرفية
بل و في الخروج على هذه القواعد في شأن
بعض العقود المعروفة في القانون المدني ، كالوديعة و القرض ، و
الرّهن. و هو أمر يرجع إلى الأساليب
الفنيّة الخاصة التي تستخدمها المصارف
و ما تتبعه من عادات مصرفية في تسوية معاملاتها.
إرسال تعليق