نشـــــأة الملكيــــة الصنـــــاعيـــة و تطــورهــــــا
.
إنّ ظهور الملكية الصناعية يرجع إلى
العصور الوسطى ، على إثر ظهور الثورة الصناعية في بريطانيا و بداية انتشار و تدويل
التجارة ، و لقد بدأ أول التنظيمات القانونية لهذا الموضوع مع أوائل القرن السابع
عشر ، مثل قانون الاحتكارات الصادرة في إنجلترا عام 1628 الخاص بحماية الاختراعات ، إلاّ أنّ هذه الحقوق
لم يتأكد كيانها و نظامها القانوني حتى منتصف القرن التاسع عشر ، حيث تطورت
الابتكارات التكنولوجيا و العلمية .
إن
تزايد الاختراعات أدى إلى قيام نظام قانوني جديد تعبر و تحدد حقوق الملكية
الصناعية لدى الدول الصناعية التي ما لبثت تسن التشريعات الخاصة بحماية الاختراعات
و الرسوم و النماذج الصناعية و العلامات التجارية ، ومع ازدياد التجارة الداخلية و
انتشارها السريع عبر العالم ترتب على ذلك علاقات اقتصادية جديدة داخل و خارج
الدولة . مثل العلاقة بين صاحب الاختراع و أصحاب المشروعات الصناعية أو التجارية ،
و ظهرت كذلك بنفس الكيفية على نطاق دولي ، مثل علاقة المخترع بغيره في الدول
الأخرى ، الأمر الذي دفع هذه الدول إلى تنظيم هذه العلاقات عن طريق وضع التشريعات
التي تؤكد حق المخترع و حماية اختراعاته داخل إقليم الدولة .
إنّ
تنسيق هذه التشريعات عبر المؤتمرات و المعاهدات و الاتفاقيات الدولية التي وضعت
الأسس القانونية الدولية لحماية حقوق الملكية الصناعية لأصحابها . و لم تقتصر هذه
التشريعات على حماية الاختراعات بل امتدت
لحماية الرسوم و النماذج الصناعية و مسميات بلد الإنتاج و العلامات
التجارية و من ثمّ ترتبت على هذه النظم القانونية حقوق مستحدثة هي حقوق الملكية
الصناعية .
و
قد أدى ذلك إلى نتائج هامة من بينها :
1
ـ تنظيم حماية حق المخترع من شأنه دفع حركة
الابتكار و الاختراع و ظهور منتجات جديدة و قيام مشروعات اقتصادية لإنتاج هذه
المنتجات و ازدياد حركة التجارة الداخلية
و ازدياد الصادرات و اتجاه ميزان المدفوعات لصالح الدولة و زيادة الدخل القومي و
ارتفاع مستوى المعيشة .
فنظام
براءات الاختراع بما يمنحه من حق احتكار للمخترع يرد على ثمرة إنتاجه الفكري ، هو
حافز يدفع إلى تشجيع الملكات الخلاقة ، ذلك أنّ تقرير حماية للمخترع من شأنه
اطمئنان الباحث إلى حماية القانون ، إذ يمتنع على غير المخترع استغلال اختراعه و
على المخترع فقط أن يمنح غيره حق استغلال الاختراع مقابل مبلغ من المال.
2 ـ تعتبــــر حقــوق
الملكيــــة الصنـــــاعيـــة ضمـــان للمنـــافسة المشروعـــــة
.
يحدد
النظام الاجتماعي الطرف و الوسائل التي تكون عليها المنافسة بين المنتجين من أجل
الوصول إلى العملاء ، و حتى لا يكون ذلك حقا مطلقا لكل منتج ، فإنّ القانون
يضع قيودا على حرية المنافسة ، التي تحد
من حق كل منتج في منافسة غيره من المنتجين . هذه القيود القانونية هي حقوق الملكية
الصناعية ، فالقيد الذي يرد على حرية المنتج في صنع سلعة إنما هو ذات الحق في
براءة الاختراع الذي يتمتع به منتج آخر و الذي يرتب له حق ، استئثار باستغلال
الاختراع دون غيره.
3 ـ يترتب على هذه التشريعات تحقيق مبدأ العدالة بين أصحاب البراءات
.
ـ
و يشمل ذلك أن ينال المخترع ثمرة إنتاجه للفكرة و ألا ينافسه غيره باستغلال و
إنتاج ما وصل إليه المخترع من ابتكار . سواء من خلال التقليد أو السرقة . كما تحمي
العدالة أيضا صاحب المصنع أو المحل التجاري الذي يسعى إلى تحسين منتجاته بأن
يستأثر بعلامة تجارية مميزة.
ـ
تساهم هذه الحقوق في تطور الفن الصناعي ، إذ يعتبر نظام براءات الاختراع عامل مهم
في تطوير البحث العلمي و تطور الاختراعات و تقدم الفن الصناعي .بالإضافة إلى ذلك ،
فإنّ تطور الاختراعات يؤدي إلى زيادة الاستثمارات في المستودعات الصناعية ، و هذا
ما أدى إلى تطور العالم بصورة مذهلة خلال القرنين السابقين
و
زودة الهوة بين العالم المصنع الذي يسمى
الآن العالم الأول ( أو مجموعة الدول السبع ) و العالم المتخلف أو العالم النامي و
الذي يدعي بالعالم الثالث .
ـ و هذا أدى إلى تفاقم الهوة بين الذين
يملكون كل شيو الذين لا يملكون ، ضمن جزاء الاختراعات و ازدياد التطور الصناعي في
هذه الدول، ترتب عليه ازدياد دخلها القومي فأصبحت الدول الصناعية و هي تتمثل 25 % من سكان العالم تحصل على 80 % من دخله أمّا الدول الفقيرة التي تشكل 75 % و ربما أكثر من سكان العالم تحصل على 20 % فقط من ذخله . و يرجع ذلك
إلى التفاوت التكنولوجي بين هذه الدول .
إرسال تعليق