تحديــــد المقصــــود باصطلاح : "
البنــــــك "
تحتل البنوك مركزا حيويّا في النظم
الاقتصادية الحديثة بما تضطلع به من وظائف و ما تمارسه من نشاط و الذي يؤثر تأثيرا ملحوظا في الاقتصاد القومي
لكل بلد و يمنحها سيطرة قوية و سلطانا واسعا عليه .
و نظرا لهذا الدّور الحيوي ، و لكن الخطير
، الذّي يقوم به الجهاز المصرفي ، فقد تدخلت الدول
- و منها الجزائر - لضمان سيطرتها عليه و توجيهه
التي تتفق مع سياستها العامة ، و ذلك بتنظيم هذا القطاع و مراقبته و الإشراف عليه
.
غير أنّ المشرع - و إن كان قد قام في
مختلف الدول بتنظيم نشاط البنوك - لم يتمكن من وضع تعريف قانوني دقيق ، جامع و
مانع يحدّد لنا مفهوم " البنك " . و باستقرائنا للعدد من
التشريعات ، لاحظنا وجود تعاريف للبنك قوامها يتمثل في تلك الوظائف التي يمارسها
المصرف و ليس ماهية هذا الأخير .
و بمعنى آخر ، فإنّ هذه التعاريف التي أٍيد من
خلالها تحديد المقصود بإصطلاح " البنك " إعتمدت على إبراز و
تعداد الوظائف التي يقوم بها هذا الأخير لضبط ماهيته و من بين هذه التشريعات
مايأتي :
المصري و
الجهاز المصرفي : نص المادة 15 : " يقصد بالبنوك التجارية ، البنوك التي تقوم بصفة معتادة بقبول ودائع
تدفع عند الطلب أو لآجال محددة و تزاول عمليات التمويل الذاخلي و الخارجي و خدمته
بما يحقق أهداف خطة التنمية و سياسة الدّولة و دعم الإقتصاد القومي و تباشر عمليات
تنمية الإدخار و الإستثمار المالي في الذاخل و الخارج بما في ذلك المساهمة في
إنشاء المشروعات و ما يتطلبه من عمليات مصرفية و تجارية و مالية و ذلك وفقا
للأوضاع التي يقرّرها البنك المركزي ".
* مشروع
قانون التجارة المصري : نص المادة 300 ،
الفقرة الثانية : "يقصد بلفظ " بنك " في حكم هذا الباب
كل شخص إعتباري يرخص له القانون أو البنك المركزي المصري بممارسة عمليات البنوك
كلّها أو بعضها في مصر ".
*
قانون التجارة الكويتي لسنة 1980 : يعرّف هذا القانون في إحدى مواده البنوك
بأنّها:
"
المؤسسات التي يكون عملها الأساسي و الذّي تمارسه عادة قبول الودائع إستعمالها في
عمليات
مصرفية لخصم الأوراق التجارية و شرائها و بيعها و منح القروض و السّلف ، و إصدار
الشيكات و قبضها و طرح القروض العامة أو
الخاصة و المتاجرة بالعملات الأجنبية و المعادن الثمينة و غير ذلك من عمليات الإئتمان
، أو ما نص قانون التجارة أو قضى العرف بإعتباره من أعمال البنوك " : نص المادة 54 من
القانون رقم 32 لسنة 1968
المتعلق بالنّقد و بنك الكويت المركزي و تنظيم المهنة المصرفية .
* قانون رقم
12-86 مؤرخ في 13 ذي
الحجة عام 1406 الموافق
19 غشت سنة 1986
يتعلق بنظام البنوك و القرض ( في الجزائر ) .
- نص المادة 15 سنة :
" البنك المركزي و مؤسسات القرض مؤسسات عمومية تتمتع بالشخصية المعنوية و
الإستقلال المالي و تقوم بمقتضى وظيفتها الإعتيادية بالعمليات المصرفية
"
(عدلت هذه
المادة بمقتضى القانون رقم 06-88
مؤرخ في 22 جمادي الأولى عام 1408
الموافق 12 يناير سنة 1988 ، و
المشار إليه سابقا ) .
- نص المادة 17
" تعد بنكا " كل مؤسسة قرض تقوم لحسابها الخاص بحكم وظيفتها الإعتيادية
بالعمليات التالية :
* تجمع من غيرها الأموال بصفتها ودائع
كيفما كانت مدتها و شكلها .
* تمنح القروض كيفما كانت مدتها و شكلها .
* تقوم بعمليات الصّرف و التّجارة
الخارجية مع مراعاة التشريع و التنظيم المعمول بهما في هذا المجال.
* تتولى تسيير وسائل الدّفع .
* توظف
القيّم المنقولة و جميع العوائد المالية ، و تكتتب بها و تشتريها و تسيّرها
وتحفظها
و تبيعها .
* ترشد و تساعد على العموم تقدّم جميع الخدمات
الكفيلة بتسهيل نشاط زبائنها ".
-
نص المادة 18 : " تعد " مؤسسة قرض متخصصة
" كل مؤسسة قرض لا تجمع بمقتضى قوانينها الأساسية إلاّ أصنافا من الموارد و
لا تمنح إلاّ أصنافا من القروض التابعة لهدفها".
* القانون رقم 10-90 مؤرخ في 19
رمضان عام 1410 الموافق 19
أبريل سنة 1990 يتعلق بالنّقد و القرض : ( قانون جزائري
).
و
بالرّجوع إلى نصّ المادة 110 نجدها تقضي بما يأتي : " تتضمن
الأعمال المصرفية ، تلقى الأموال من الجمهور و عمليات القرض ، ووضع وسائل الدّفع
تحت تصرف الزبائن و إدارة هذه الوسائل ".
و
أمّا نصوص المواد رقم 111 و 112 و 113
المشار إليها أعلاه ، فهي نصوص قامت بتوضيح المقصود بكل صنف من الأصناف الثلاثة
للأعمال المصرفية المذكورة في متن نص المادة 110
السّالفة الذّكر .
و على الرغم من صعوبة وضع تعريف قانوني دقيق
لإصطلاح " البنك " أو " المصرف " ، فقد حاول
بعض الفقه تحديد المقصود بهذا المصطلح و إن باءت هذه المحاولة بالفشل نظرا لقصور
التعريف أو فضفضته.
1 ـ " المصارف مؤسسات تمتهن الوساطة
في تداول النّقد و الإئتمان بقصد الربّح " . د/جاك يوسف الحكيم.
2 ـ يقصد بالبنوك بصفة عامة "
المؤسسات التي يكون من إختصاصها و أغراص تأسيسها قبول الودائع من العملاء و تنفيذ
أوامرهم المتعلقة بحساباتهم و صرف و تحصيل و إصدار الشيكات، و كذلك منح القروض و
خصم الأوراق التجارية و فتح الحسابات الجارية و تشغيلها " .
3 ـ
" البنك هو منشأة تنصبّ عملياتها الرّئيسية على تجميع النّقود الفائضة عن
حاجة الجمهور أو منشآت الأعمال أو الدولة لغرض إقراضها للآخرين وفق أسس معينة أو
إستثمارها في أوراق مالية محددّة ".
د / خليل
محمد حسن الشماع.
ـ هذا ، و
قد حاول الدكتور / محمد زكي شافعي ( أستاذ إقتصاد ) تبرير صعوبة ضبط
المقصود بإصطلاح " البنك " و ذلك بقوله : " و ربما
كان من الصعب الوصول إلى تعريف المؤسسات فكثيرا ما يستبهم الحدّ الفاصل بين
المصارف و غيرها من المؤسسات المالية التي تتخصص في تجميع مدخرات الجماعة و تقديم
القروض للأفراد و المشروعات . فلا يقتصر كل ضرب من ضروب المؤسسات المالية على
مزاولة نوع واحد من أنواع النشاط المالي فيختص به لا يتعداه . بل لقد نصا التطور
المصرفي إلى إتساع نطاق العمليات التي تزاولها البنوك التجارية ( أو البنوك
الودائع ) على وجه الخصوص . فلا غرو ، و الحالة هذه، أن استغنت كثير من التشريعات
عن صياغة تعريف صريح للبنوك بتعداد أنواع المؤسسات الإئتمانية التي تعتبر في نظر
المشرع بنوكا أو بإيراد مختلف العمليات التي تخلع مزاولتها وصف البنوك على
المؤسسات التي تتخصص فيها ، و لاغرو أي أنّ عرف بعض الكتاب " البنوك "
بأنها عبارة عن المؤسسات التي تضطلع بأعمال البنوك ".
ـ ملاحظة
: تجدر الإشارة هنا إلى أنّ المشرع الجزائري ، بعد أن أخد بمبدأ تخصص البنوك Spécialisation
des banques )) قام بالتّخلي عنه سنة 1990 و
ذلك عندما نص في المادة 114
و المادة 115 من
القانون رقم 10-90 المؤرخ في 04/14 سنة
1990 ، و المتعلق بالنّقد و القرض ، على ما ياتي
:
* المادة 114 : "
البنوك أشخاص معنوية مهمتها العادية و الرئيسية إجراء العمليات الموصوفة في المواد
من 110 إلى 113 من
هذا القانون ".
* المادة 115 :
" المؤسسات المالية أشخاص معنوية مهمتها العادية و الرّئيسية القيام بالأعمال
المصرفية ماعدا تلقي الأموال من الجمهور بمعنى المادة 111 ".
ـ و قد كان
القانون رقم 12-86 المؤرخ في 19 غشت
سنة 1986 و المتعلق بنظام البنوك و القرض ، يقضي في
مادته رقم 14 بأنّ : " تشتمل المنظومة المصرفية
على المؤسسات التالية :
ـ البنك المركزي.
ـ مؤسسات
القرض الموّزعة على مايأتي :
* مؤسسات
القرض ذات الأصبغة العامة و تدعى فيمايأتي البنك . Banque de
d épots
* مؤسسات
القرض المتخصصة "
* راجع نص
المادة 17 و كذلك نص المادة 18 و الذّي أسلف ذكرهما ، لمعرفة الأعمال التي تختص
بها كل فئة من هاتين الفئتين من المؤسسات .
- و
لمبدأ عدم التّخصص المّصرفي déspécialisation des banques La
مؤيّدون
قاموا بتقديم حجج قويّة لإسناد هذا المبدأ ، منها : أنّ الأحذية يؤدي إلى تقليل
المخاطر المصرفية عن طريق توزيعها على قطاعات متعدّدة و عدم حصرها في قطاع واحد ،
كما أنّ هذا النظام ( أو المبدأ ) يسمح بالإستفادة من ودائع الجمهور في
تمويل كل القطاعات الإقتصادية و عدم حصرها بالقطاع التجاري.
ثانيـا
: تحديـد المقصـود بإصطـلاح : " عمليات البنوك " ، أو " الأعمال
المصرفية ".
ـ تقوم البنوك في مباشرة نشاطها بجملة
أعمال و خدمات تقدمها لعملائها و هي المتعارف على تسميتها بعمليات البنوك أو
" الأعمال المصرفية " . و هذه الأعمال مختلفة و متنّوعة و لا تقع
تحت حصر و تتأثر سعة أو إنكماشا ، بالمتغيرات الإقتصادية و السياسية لكل دولة من
الدول ، و من هنا تأتي صعوبة تحديدا قانونيا دقيقا تنطوي تحته كل أنواع هذه
الأعمال .
ـ و تشمل
هذه الأعمال ، ضمن ما تشمل : قيول الودائع ، و التحويل المصرفي ، و إصدار الشيكات
وقبضها ، و فتح الإعتمادات ، و خصم الأوراق التجارية ، و الكفالة ، و العمليات على
القيم المنقولة ، وعمليا ت الصّرف، و تأجير الخزائن الحديدية .
ـ و قد حاول
بعض الفقه وضع تعريف للأعمال المصرفية أو عمليات البنوك في قانون التجارة الجزائري
لسنة 1975 ، الذي إكتفى بالنّص على إعتبار "
كل عملية مصرفية ... " عملا
تجاريا بحسب الموضوع .
و ذلك في المادة الثانية منه ، إلاّ أنّ
المشرع الجزائري حرص عندما قام بوضع القانون
رقم 10-90 المؤرخ في 19
رمضان عام 1410 الموافق 14
أبريل سنة 1990 المتعلق بالنّقد و القرض
- على بيان
المقصود بإصطلاح " عمليات البنوك " أو " الأعمال
المصرفية " و ذلك في المادة 110 منه
و الذي ورد
بها : " تتضمن الأعمال المصرفية ، تلقي الأموال من الجمهور و عمليات القرض
، ووضع وسائل الدّفع تحت تصرف الزّبائن و إدارة هذه الوسائل "
ثمّ قام نفس
القانون بتحديد المقصود بكل صنف من هذه الأصناف الثلاثة من الأعمال المصرفية و ذلك
بالمواد رقم 111، 112 و
113 منه .
فقد بينت
المادة 11 المقصود بتلقي الأموال من الجمهور و ذلك
بقولها : " تعتبر أموال متلقاة من الجمهور، تلك التي يتم تلقيها من الغير
، و لا سيما بشكل ودائع ، مع حق إستعمالها لحساب من تلقاها بشرط إعادتها.إلاّ أنه
لا تعتبر أموالا متلقاة من الجمهور بمفهوم هذا القانون :
1 ـ
الأموال المتلقاة أو المتبقية في الحساب والعائدة لمساهمين يملكون على الأقل خمسة
في المائة من الرأسمال، و لأعضاء مجلس الغدارة و للمديرين .
2 ـ
الأموال الناتجة عن قروض المساهمة ".
ـ و أمّا نص
المادة 112 ، فقد بيّن المقصود " بعملية القرض
"
( و الأصح
هو الإئتمان OPERATION DE CREDIT).
و ذلك عندما
قضى بأنّ : " تشكل عملية قرض في تطبيق هذا القانون ، كل عمل لقاء
عوض يضع بموجبه شخص ما أو يعد بوضع أموال تحت تصرف آخر ، أو يأخذ بموجبه و لمصلحة
الشخص الآخر إلتزاما بالتوقيع كالضمان الإحتياطي أو الكفالة أو الضمان .
و تعتبر
بمثابة عمليات قرض عمليات الإيجار المقرونة بحق الخيار بالشراء و لاسيما عمليات
الإقراض مع الإيجار ".
ـ و كان
القانون رقم 12-86 المؤرخ في 19 غشت
سنة 1986 المتعلق بنظام البنوك و القرض ، ينص في
مادته رقم 32 على أن : " يعد عملية قرض في مفهوم
هذا القانون ، كل عمل تقوم به مؤسسة مؤهلة لهذا الغرض تضع مؤقتا و بمقابل ، أموالا
تحت تصرف شخص معنوي أو طبيعي أو تعد بذلك أو تتعاقد بإلتزام موقع لحساب هذا الأخير
".
ـ و أخيرا
أشارت المادة 113 من قانون النقد و القرض لسنة 1990 إلى
المقصود " بوسائل الدفع "و ذلك بالنّص على أن : " تعتبر وسائل الدّفع ، جميع الوسائل التي
تمكّن من تحويل أموال مهما كان الشكل أو الأسلوب التّقني المستعمل".
إرسال تعليق